كتبتُ سابقًا مقالًا انتقدت فيه مشروع قانون الأبنية والأراضي وهاجمت من خلاله الحكومة، مستندًا إلى ما بدا حينها من ارتفاع في بعض القيم الضريبية وغموض في نص المادة (12)، الأمر الذي أثار لدي، كغيري من المواطنين والاعلامين، مشاعر القلق والريبة.
كنت أعتقد أن هذا القانون يحمل في طياته أعباءً إضافية على المواطن، وربما ضرائب جديدة تُفرض دون مبرر واضح.
لكن، وبعد أن التواصل مع المسؤولين قدمت الجهات الحكومية المختصة شرحًا تفصيليًا ووضّحت السياق الكامل لمضمون مشروع القانون، رأيت أن من واجبي المهني والموضوعي أن أُعيد النظر وأوضح الصورة أمام الرأي العام، خاصة بعد أن تبيّن أن كثيرًا مما أثار القلق كان نتيجة قراءة مجتزأة أو معلومات غير مكتملة.
مشروع القانون في جوهره لا يتضمن ضرائب جديدة، بل يُعيد تنظيم آلية التقدير الضريبي بالاعتماد على قاعدة بيانات إلكترونية دقيقة، ويُغني عن التقديرات البشرية التي لطالما شابتها الاجتهادات الفردية وعدم التناسق، وهذا التحول يُعزز الشفافية ويُرسخ العدالة في فرض الضريبة.
بل أكثر من ذلك، فقد تضمّن مشروع القانون حوافز ضريبية ملموسة للمواطنين، كما تضمن المشروع حوافز للأبنية الخضراء، وإعادة احتساب الضريبة على أساس نسبة الاستغلال الفعلي للأراضي بدلًا من كامل مساحتها، وهو ما يُحقق عدالة أكبر.
وبالأرقام، تبيّن أن العديد من الأمثلة الواقعية شهدت إما ثباتًا في قيمة الضريبة أو انخفاضًا ملموسًا.
لذا، من الإنصاف القول إن الهجوم الأولي على القانون كان مبنيًا على عدم توضيحه من الجهات الرسمية و نقص في المعلومة لدى الجميع، ومن المسؤولية المهنية والأخلاقية أن نُعيد تقييم الموقف حين تتضح الصورة، وأن ننقل الحقائق كما هي، بعيدًا عن التهوين أو التهويل.
القانون بحاجة إلى شرح أفضل منذ البداية، وهذا ما لم يحصل. لكن الآن، وقد اتضحت التفاصيل، لا بد من الاعتراف بأن مشروع القانون، في صورته الكاملة، يُمثل نقلة نحو تنظيم أكثر عدالة ودقة، وليس عبئًا ضريبيًا جديدًا على المواطن.