يا دولة الرئيس، الأمن الغذائي فوق كل اعتبار. نتحدث حول الممارسات الاحتكارية التي تهيمن على سوق اللحوم، والتي لم تنجح أية حكومة في القضاء عليها. فأين المنافسة وأين الوعود بحماية المستهلك؟
التجربة الوحيدة لكسر احتكار السوق تمت من قبل حكومة نادر الذهبي، وفي عهد وزير الصناعة السابق عامر الحديدي، عبر إنشاء الشركة الوطنية للأمن الغذائي التي استطاعت أن تستورد المواشي الحية من دول مختلفة. وتمكنت بذلك من التخفيف من هيمنة البعض على سوق اللحوم من دون منافس.
في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن، يبرز مشروع تجميع المواشي كحل فعّال يُعزز من قدرة البلاد على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الثروة الحيوانية. هذا المشروع، الذي تم تنفيذه بملايين الدنانير وبشراكة مع مستثمرين عرب تربطنا بهم علاقات قوية، يُعد خطوة استراتيجية لمعالجة مشكلة استيراد الأغنام والأبقار والإبل، بما يضمن تلبية احتياجات الأردن وفلسطين والعراق ودول الخليج العربي.
يهدف المشروع إلى استيراد المواشي من مختلف الدول، مما يتيح الفرصة للعديد من الأردنيين للمشاركة في هذا القطاع الحيوي. ومن خلال الاتفاقيات الموقعة مع الدول المستهدفة، سيتمكن المشروع من تأمين تدفق مستمر للمواشي، مما يسهم في دعم المزارعين الأردنيين ويعزز من قدرتهم على المنافسة في السوق.
كما أن هذا المشروع يمثل رافدًا مهمًا للاقتصاد الوطني، حيث سيوفر آلاف فرص العمل لأبناء الجنوب والشمال، مما يسهم في تحسين مستوى المعيشة وتعزيز التنمية المستدامة. ويأتي ذلك بالتوازي مع تفعيل عمليات النقل من العقبة إلى أرض المشروع، ونقل المواشي إلى الأسواق الخليجية والعراق، مما يعزز من حركة التجارة ويساهم في دعم قطاع النقل.
ومع ذلك، يتعين علينا الإشارة إلى أن المشروع يعاني من التعطيل منذ فترة طويلة، حيث تم إنشاؤه وتجهيزه منذ سنوات على رقعة واسعة من أراضي أهالي الجنوب وأيضًا في الشمال. إن التأخير في تنفيذ المشروع يُشبه ما حدث مع مصفاة البترول في معان، حيث كان هناك تحفّظات وتباطؤ في توقيع الاتفاقيات اللازمة.
إننا نوجه نداءً إلى دولة رئيس الوزراء ووزير الزراعة للاستماع إلى مطالبنا والعمل على تفعيل هذا المشروع الحيوي الذي يحمل في طياته الكثير من الفرص. نحن بحاجة إلى دعم حكومي فعّال لضمان نجاح هذا المشروع وتحقيق أهدافه التنموية.
نحن نمتلك الوثائق اللازمة والاتفاقيات مع الدول المستهدفة، ولدينا علاقات قوية مع المستثمرين في المشروع. لذا، فإن الوقت قد حان لإعادة النظر في هذا المشروع وإعطائه الأولوية اللازمة، لنتمكن معًا من تحقيق مستقبل أفضل للأردن وأبنائه.
إن مشروع تجميع المواشي ليس مجرد فكرة بل هو فرصة حقيقية لخلق تغيير إيجابي في المجتمع الأردني ودعم الاقتصاد الوطني. فلنستثمر في هذه الفرصة ولنقف جميعًا خلفها لتحقيق النجاح المنشود.