في الآونة الأخيرة ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ووصولها إلى كل بيت وكل فرد بدأنا نسمع بمصطلح المؤثر، لكن لم نعرف صراحةً من هو المؤثر؟ وما هو مقياس التأثير الذي بُنيت عليه هذه التسمية.
على ما يبدو أن مقياس التأثير هو عدد الإعجابات وحجم التعليقات والمشاهدات، حتى لو كانت الرسائل المُقدمة سلبية ومبنيّة على اللاشيء والتنمُر والإساءة، مع أن التأثير يعني التغيير ومن المؤكد أن حجم المؤثرين على أرض الواقع قلّة قليلة في ظل الغثاء المُنتشر والمستشري على مواقع التواصل الاجتماعي.
إن الشيء المؤسف صراحةً والذي يدعو للقلق هو هروالة العديد من الجهات الرسمية تجاه مُهرِّجي التواصل الاجتماعي الذين لا يقدمون أي شيء، ومحاولة استقطابهم في الحملات التوعوية، بالرغم من أن الكثير منهم يحتاج لتقويم سلوكه وألفاظه بدايةً؛ ومنهم من يتوجب معاقبته على المحتوى الخادش للذوق والحياء العام.
وهنا نطرح السؤال التالي: هل بناء الأجيال القادمة يكون عبر تبنّي خطاب السطحية والتهريج و سذاجة مُهرِّجي التواصل الاجتماعي وتقديمهم في الفعاليات وتنظيم المؤتمرات والندوات لهم؟ وعلينا أن نعرف ماذا لديهم غير ظاهرة "التكبيس" و الألفاظ السوقية.
نحتاج في هذه المرحلة لتعرية الوجوه التي تروج لنفسها على أنها صاحبة التأثير، فهي وجوه تعتقد أن الترويج لمطعم شاورما أو ماركة مكياج أو عطور أو محل ألبسة، أو تصويره لمشاجرة بين والده ووالدته أو رقص ذات بث مباشر هو نوع من أنواع التأثير لكن في الواقع والحقيقة أن ما يحصل نوع من أنواع التهريج والسطحية والإعلان المدفوع.
في أحد استطلاعات مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية كانت مواقع التواصل الاجتماعي هي المصدر الأول للمعلومة والأخبار بالنسبة للمواطنين، وهذا يضع حتماً على عاتق الجهات الرسمية مسؤولية كبيرة لمعرفة المؤثر الحقيقي من المهرج، وإيلاء من قدموا محتوى هادف على سلّم الأولويات ولفظ ظاهرة "التكبيس وشير يا شباب" إلى ذيل القائمة.
وهنا دعونا نستذكر الفن والفنانين الذين كانوا مصدراً للسعادة والإبتسامة وكيف تعاملت معهم المؤسسات المعنية؛ وكيف احتضنت ذات المؤسسات مُهرِّجي التواصل الاجتماعي ووضعتهم على طاولة المؤتمرات والندوات في مشهد يُدمي القلب.
كذلك يتحدث البعض عن محور التأثير السياحي وأن يتزامن مع الاهتمام بالبنية التحتية والخدمات المقدمة من لحظة دخول المسافر أرض المطار إلى حين عودته مع تقديم التسهيلات اللازمة.
أما سياسياً فمنظومة التحديث السياسي وما يجب فعله من الأحزاب على وسائل التواصل الاجتماعي وكيفية استخدام أدوات الاتصال السياسي في جذب الشباب والنُخب بطريقة عصرية ومبتكرة تساهم في الانتساب وبناء القناعات من خلال منصات التواصل الاجتماعي.
ختاماً أقول، إن المطلوب ومنذ الآن بناء ماكينة إعلامية أردنية تقوم على الكفاءات الوطنية الأردنية بعيداً عن السُذج والسَذاجة، مهمتها الأولى هي أن تكون خط دفاع عن الأردن والأردنيين.