مجلس الأمة
صوت عمان :
بقلم المهندس أمجد لبيب المصري
على مدى أيام متتالية وقبل دخول المنخفض الجوي الذي رافقه الزائر الأبيض ومنّ علينا بالراحة من سيل الكلام الذي أصدعته حناجر السادة النواب في ممارسة حقهم الدستوري لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة والوحدات الحكومية لعام 2021، والتي على ما يبدو أنها لم تخرج عن المألوف الذي اعتاد المواطن الأردني في سماعه بالمجالس السابقة، بل كانت هنالك بعض الكلمات تتشابه في النثر والبلاغة لمناقشات الثقة التي أُطلقت في السابق، إلا أن ما تغير عليها فقط السبب...
لا أحد ينكر أن هنالك القلة القليلة من الكلمات الموزونة والتي حملت في طياتها الكثير من المعاني والأفكار الخلابة والتي أعطت اتجاهاً صحيحاً للهدف في الحديث من المنبر النيابي ، ولربما ما إن اتخذت منها الحكومة الأفكار وحللتها لأنتجت مشاريع من الممكن ان تساهم في عجلة الاقتصاد في ظل الظروف الاستثنائية، ناهيك عن الموازنة والتي تعد الأصعب والأعقد على مر تاريخ المجالس النيابية.
وفي المقابل وللأسف الشديد كان هنالك العديد من الخطابات التي غابت عنها "لغة الأرقام" والاقتراحات والحلول التي تصب في المصلحة العامة ، ليكون الحديث شعبي ذات طابع خدمي بامتياز، فالعديد من النواب ارتأوا بتقديم طلبات خدماتية معتقدين بأن ذلك ما يريد سماعه الناخب، بعيداً عن الجانب التشريعي والرقابي، وبعيد عن الخطط الاقتصادية التي تدعو للإصلاح الاقتصادي، فكان الوقوف خلف المنبر مناسبة مكررة أصبحت نشاهدها في المجالس النيابية دون جدوى تذكر وذات أثر غير مجدي في نفوس الأردنيين.
الأمل كان يصبو بأن تكون لغة النواب الجدد داخل قبة البرلمان تختلف عن المجالس السابقة، وتحمل التحديات والرؤى والبرامج السياسية والاقتصادية ، كونه مجلس تشريعي رقابي خرج من رحم معاناة المواطن الأردني، فكانت الخطابات في المرة الأولى لحصد الثقة في حكومة الخصاونة دون المأمول، وعلى ما يبدو بأن الخطابات الرنانة في مناقشة الموازنة أيضا لن تلبي احتياجات الواقع ، فجاءت مخيبة للآمال محصورة بمطالب منطقية خدماتية، جاءت معظمها مطالب بانشاء مدارس ومراكز صحية وغيرها للمناطق التي يمثلونها.
وأصبح المواطن على يقين أو اعتقاد ثابت بأن مجلس النواب قريب لمكتب خدماتي بشكل أكبر لبعض الأفراد وليس للمجتمع الأردني كافة،وكأن النائب غاب عن فكره وبغض النظر من أين دائرته الانتخابية إلا أنه يبقى نائب وطن يعمل للوطن والشعب الأردني، إلا أن "احتياجات الدائرة ومسلتزمات أبناء دائرته الانتخابية" كانت الهم الأكبر، وضرورة ملحة لتلبيتها في هذه البقعة المحددة دون سواها من قبل الحكومة ومهما كلّف الأمر.
كنا نأمل بأن نشهد بين الخطابات ما يتعلق برسم صورة لعجلة الاقتصاد في ظل الظروف الصعبة التي خلفتها جائحة كورونا، وكيفية النهوض بالقطاعات المهمة كالصناعة والزراعة ، وتقديم الدعم اللازم لها من أجل تقوية الاستثمار وتشجيع مفهوم دولة الانتاج ، وصياغة الرسائل الملكية بالتشاركية مع الحكومة وتحويلها إلى مشاريع واقعية بما يلائم المرحلة الحالية.
معظم الخطابات "إلا من رحم ربي" كانت بعيدة عن الخطط الاستراتيجية والأهداف القادمة لتخفيض وتقنين النفقات وتحديد سلم الأولويات كمحاولة للنهوض بالاقتصاد الوطني والخروج من "عنق الزجاجة" التي لطالما حلم بها الأردنيين منذ عقود ، والآن ننتظر سرد خطة الحكومة كما هو البروتوكول المعتاد عبر الموازنة ، والرد على بعض خطابات النواب الذي يبقى يصول ويجول ضمن حلبة داخل قبة البرلمان على أمل أن يتم التنفيذ على أرض الواقع...
وللحديث بقية...
تصميم و تطوير 