في وقتٍ يسعى فيه المواطن الأردني للبحث عن قنوات آمنة لحماية مدخراته، تتكشف أمام أروقة المحاكم ملامح قضية مالية كبرى وُصفت بأنها "زلزال تداول”، تقف خلفها شركة محلية متهمة بممارسة أنماط "احتيال منظم" باستخدام أدوات تقنية وبرمجيات معقدة.
القضية، التي بدأت بشكاوى فردية، سرعان ما تحولت إلى ملف رأي عام يهدد الاستقرار المالي لمئات الآلآف الأسر الأردنية، في ظل أرقام خسائر متصاعدة واتهامات ثقيلة تنظرها المحاكم حاليًا.
من مستثمر إلى مدين… القصة الإنسانية خلف الأرقام
أولى خيوط القضية برزت مع شكوى تقدم بها مستثمر أردني " فضل عدم ذكر اسمه في الوقت الحالي" فقد ثروته التي ناهزت 100 ألف دينار نتيجة ما وصفه بـ"تلاعب متعمد" في حسابات التداول الخاصة به من قبل شركة محلية.
المستثمر، الذي يمتلك وثائق فنية وأدلة رقمية على ما جرى، وجد نفسه خلال فترة قصيرة ينتقل من موقع المستثمر المستقر إلى مدين يعيش تحت ضغوط مالية خانقة، اضطرته للاقتراض من البنوك لتغطية التزاماته المعيشية، في وقت أغلقت فيه الشركة المعنية جميع قنوات التواصل معه، ما دفعه للجوء إلى القضاء كخيار أخير.
ملف ثقيل أمام القضاء
لم تقف القضية عند هذا الحد؛ إذ أحال المدعي العام مؤخرًا ملفًا قضائيًا واسع النطاق إلى المحكمة المختصة، بناءً على شكوى قدمها المحامي الدكتور مازن القاضي.
وتتضمن لائحة الاتهام شبهات احتيال جنائي وإساءة أمانة بحق شركة تداول محلية وأخرى أجنبية مرتبطة بها، إضافة إلى اتهامات باستخدام أساليب تضليلية وتقنيات برمجية متقدمة للتحكم بالأسعار وتوجيه التداولات بما يخدم مصالح الشركة على حساب العملاء.
وبحسب البينات الفنية المقدمة، فإن المخالفات المسجلة تشكل خرقًا واضحًا للقوانين الأردنية الناظمة للتداول، فضلًا عن مخالفتها للمعايير المعتمدة في البورصات العالمية، وسط توقعات ببدء جلسات المحاكمة خلال الفترة القريبة المقبلة.
كيف يتم التلاعب؟ تفاصيل تقنية صادمة
مصادر متخصصة كشفت لـ"صوت عمّان" أن ما يجري تحت مسمى "التداول” يتضمن ممارسات تقنية معقدة، أبرزها:
الانزلاقات السعرية المتعمدة بتنفيذ الأوامر بأسعار مختلفة عن السوق الحقيقي.
التحكم بالرافعة المالية لتسريع تصفير حسابات العملاء.
تعطيل أو تأخير تنفيذ أوامر الإغلاق عند تحقيق أرباح مفاجئة.
تضارب مصالح مباشر حيث تعمل الشركة كوسيط وخصم في آن واحد، وتحقق أرباحها من خسارة العميل.
ذعر وسحوبات جماعية
وأدت هذه التطورات إلى حالة من القلق المتزايد بين المستثمرين، وسط معلومات عن موجة سحب أموال جماعية من بعض شركات التداول العاملة في الأردن، مع تصاعد المخاوف من انهيارات مفاجئة قد تطيح بما تبقى من أموال المستثمرين.
دعوات لتدخل رقابي عاجل
ويرى مختصون أن ما يحدث تجاوز كونه نزاعًا ماليًا فرديًا، ليصبح عملية استنزاف ممنهجة لمدخرات المواطنين، تستدعي تدخلًا فوريًا وحاسمًا من الجهات الرقابية والتنظيمية، حمايةً للأمن المالي والسلم المجتمعي.