2024-11-27 - الأربعاء
00:00:00

آراء و مقالات

كله على حساب الدولة والمؤسسات

{clean_title}
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
صوت عمان :  


جلست أمس الثلاثاء في مكتب مدير عام مؤسسة حكومية، ومن كثر (ما رن تلفونه) قال لي شاكيا: يا زلمه والله اجاني أكثر من 5 تلفونات خلال هالساعتين، وكلها يريدون خدمات للناس، انا ما بقدر اشتغل هيك ..!.

بالطبع المسؤول المهزوز يذعن لمطالبات وضغوطات الضاغطين، لكن من يعمل ويتوخى الأمانة والعدالة ويلتزم بالقانون، لا يستجيب لهم، فهو حين يذعن للواسطات، لا يخسر شيئا من جيبه، لكن الحكومات والدولة هي التي تخسر ثقة الناس، ويتكرس مفهوم غياب الثقة، وتجذر الظلم الذي يتحدث عنه الجميع، وفي النهاية (على حساب وظهر الدولة وسعة مؤسساتها وولاء الناس لها).

طبعا ما يقال عن الخدمات التي يعتقد بعض المسؤولين، بأنهم وحين يطلبونها، إنما هم يخدمون فئات ما من المواطنين ويستحقون الخدمة دون سواهم، وقد يكون هذا صوابا حين يتعرض مواطن لظلم، كأن يتم الاعتداء على حقه بوظيفة مثلا، ليأخذها شخص آخر لا يستحقها، عندئذ يتدخل نواب وصحافة او متطوعون لإنصافه، أو يقوم بالتوجه للقضاء، لكن الطامة والمأساة حين تجري الوساطات لمن لا يستحق، فيعطى حقوق غيره..

ومن الأمثلة التي يتم خلالها الإضرار بالمال العام، موضوع حل النزاعات بين المؤسسات الرسمية وبين أصحاب الحقوق، كموضوع العطاءات مثلا، أو أية قضية مسجلة في القضاء، وموضوعها مالي، حيث هناك جهات تسجل لدى القضاء قضايا بمطالبات مالية على المؤسسات، حين يجتهد موظفون ومسؤولون في تلك المؤسسات، فيمنعون صرف مستحقات مالية ما لأفراد أو شركات، ولا يدرسون قانونيا، موضوع قرارهم برفض او تقليل الدفعات، فيلجأ المواطن او الشركة للقضاء، ويتم الحكم لصالحه، فيعود الموظفون للماطلة وعدم الدفع، اعتقادا منهم بأنهم يخدمون المؤسسات والدولة، بينما هم يضرون بمصالحها وسمعتها، والأهم يهدرون مالا عاما للمرة الثانية.

فعلاوة على رسوم ومصاريف وأتعاب المحاماة التي يتم دفعها من المال العام، حين يكسب المشتكي المتظلم القضية، هناك فوائد على المبالغ المستحقة، تتزايد بالتقادم، وتسهم المماطلة والتسويف التي يمارسها مسؤولون حكوميون ماليون بمضاعفة المبالغ، التي ربم كانو سيدفعون نصفها او اقل بكثير، لو كانوا فعلا يفهمون بالقانون، أو يحرصون على عدم هدر المزيد من المال العام، وهناك أمثلة يومية كثيرة، خسرت فيها المؤسسات والخزينة مالا عاما كثيرا، جراء مزاجية مسؤولين او موظفين، وهناك ماليون حكوميون، ورقابيون، يتعمدون افتعال مثل هذه القضايا إما حقدا وضغينة على أشخاص، أو تآمرا فوق سوء الإدارة.