الاحتفال بالاسـتقلال هذه
المرة مختلف يحل علينا
ونحن نقارع أزمتين الاولى
صحية والثانية اقتصادية
وهي الاسوأ.
ظل السؤال مطروحا.. كيف
نجا الأردن وكيف لا يزال
يتنفس بقوة رغم سحب
الدخان القاتمة.
الرهان دائما على الثروة
البشرية حيث لا ثروات، وقد
أفلح الهاشميون إذ اختاروا
هذا الطريق، وإلا ما هو سر هذه البنية التحتية وهذا المستوى المتقدم من الخدمات
وديمومتها.
هذا النموذج جدير بالاحترام وبالقراءة وبالدرس للاستفادة منه ومن الصمود الاقتصادي، الذي يكاد يكون قد ولد من العدم صنعها نظام قارئ ذكي للتحولات، كان يسبقها دائما بخلق تحولات معاكسة، وفي الأردن إنسان مثابر قادر على التكيف مع الظروف، وإن كانت
الشكوى سلاحه أحياناً، لكنها لا تبعده عن الطريق الأهم وهو اختراق حاجز العوز الى
صناعة الكفاية.
في الأردن ترسخت ثقافة اسمها ثقافة الصمود والثقة بالقدرة على اجتياز المصاعب مهما
كانت الظروف والمتغيرات، مما يمكن أن يفسره نجاح الدور السياسي والأمني الذي يقوم
به في هذه المنطقة الحساسة، مما مكنه من لعب دور فعال ومؤثر.
نعم الأردن محاط بالحرائق من جميع الاتجاهات وهو ما يكفل إنهيار أعتى الجدران وأشدها
صلابة لكن مكامن الضعف هذه انقلبت الى عوامل قوة والاردن الذي كان وما زال تعرض
لهزات أكبر في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي، واستطاع، ليس أن
يصمد فقط، بل أن يزدهر وسيزدهر.
ظل للاستقلال قيمته المتجـددة، والاحتفال به يعيد الى الأذهان معاني السيادة والدول
تتخذ منه مناسبة للإنتاج والسعي للازدهار وتوطين الثروة وتحقيق الازدهار والمنعة
السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.
منذ الاستقلال والأردن يواجه تحديات متعددة تجاوز معظمها بالتناقض معها، فتجاوز
حدوده الجغرافية المعقدة بالانفتاح على العالم وواجه موارده المادية المحدودة بقواه
البشرية وكان الانفتاح والتحرر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الحل.
فن إدارة الأزمات كانت ولا تزال أفضل طريقة للنجاة من كل التحديات التي مرت على مدى
العقود السابقة فهي لم تمنح البلد فرصة للتخطيط المركزي طويل الأجل كما تفعل
الدول ولكن هذا الأسلوب في الإدارة الأردنية لم يأتِ بالصدفة، بل هو ثمرة التعامل مع
أحداث وتقلبات ومفاجآت في بيئة لا تخضع للتوقعات.
دول كثيرة في المنطقة فقدت سيادتها الوطنية وبعضها فقد ما هو أكثر وأغلى من
الثروات فقد السيادة والقرار السياسي وأعداداً كبيرة من قواه البشرية هم اما ضحايا
حروب او هجرات ولجوء.
بالمقابل حقق الاْردن نجاحات وعانى من إخفاقات وصعوبات، لكن الاستقلال الوطني راسخ
في ظل قيادة مستنيرة وشعب متحفز والاستقلال فرصة للنظر إلى أمام فأمامنا تحـديات اقتصادية ومخاطر سياسية ومشـاكل اجتماعية تحتاج لان نعمل بجد وحذر فالطريق ما زال
طويلاً وفيه الغام كثيرة لكن فيه فرص كبيرة.