2024-11-27 - الأربعاء
00:00:00

آراء و مقالات

الاستقلال الاقتصادي

{clean_title}
عوني الداوود
صوت عمان :  


اذا كان « الاستقلال السياسي « يتحقق بانهاء الاحتلال وتعريب الجيش وسيادة القرار الوطني وكل ذلك قد تحقق ولله الحمد فان « الاستقلال الاقتصادي « يتحقق « بالاعتماد على الذات» بمفهومه الواسع ، وهو ليس بالامر السهل لأي دولة .

الاردن الذي يحتفل بذكرى استقلاله الـ( 75) بصبر وعزيمة الآباء والأجداد - كما قال جلالة الملك عبد الله الثاني ، متزامنا ذلك مع احتفالات المملكة بمئوية الدولة الاولى ، فقد كافح وناضل وتجاوز تحديات صعاب عبر تاريخه الطويل لطالما راهن الاعداء على عدم قدرته او استطاعته تجاوزها ، وكانت التداعيات الاقتصادية « الخانقة والضاغطة « هي الفاتورة الاولى والثمن الاكبر الذي يدفعه الاردن ، لكنه كان « الارخص « بالنسبة للقيادة والشعب في سبيل سيادة الدولة وعزتها وكرامتها ، والشواهد كثيرة منذ نشاة الدولة .

النصف الثاني من القرن الماضي شهد بناء الدولة الاردنية بكافة مؤسساتها السياسية والمدنية والاقتصادية ، لكنه واجه حروب وتداعيات الـ( 48) ثم الـ( 67) ثم أزمة حرب الخليج ( جراء احتلال الكويت ) 1990 ، وكل هذه الازمات السياسية في المنطقة زادت من الاعباء الاقتصادية لبلد ليس نفطيا ولا حتى زراعيا كونه من الدول الافقر عالميا في المياه ، جراء استضافته للنازحين واللاجئين ثم العائدين ... لتتوالى بعد ذلك ازمات المنطقة في بدايات القرن الجديد لنشهد تبعات ما يسمى بالربيع العربي ، ليستقبل الاردن مزيدا من الاشقاء العرب اللائذين بحماه من العراق وليبيا واليمن ، واخيرا الاشقاء السوريين منذ العام ( 2011) .

التبعات الاقتصادية لازمات المنطقة السياسية دفع فاتورتها الكبرى ولا يزال الاردن ، ومع ذلك كان ولا زال يواجه كل هذه الضغوط بمواقف سياسية مستقلة واضحة لم ولن تحيد عن مصلحة الاردن والقضية الفلسطينية ومصالح الامتين العربية والاسلامية ، رغم كل الضغوط الاقتصادية على موارده الشحيحة ، لكنه صنع مؤسسات اقتصادية سيادية يشار اليها بالبنان .

بقية مقال عوني الداوود

المنشور علي الصفحة أخيرة الجزء الثاني

عبر مسيرة الاستقلال بنى الاردن جهازا مصرفيا وبنكا مركزيا يعد أنموذجا للنجاح في مواجهة التحديات الاقتصادية الصعبة وقد ثبت ذلك في تجاوز تداعيات « أزمة الدينار 1988» والازمة المالية 2008- 2009 ، والآن في مواجهة تداعيات جائحة كورونا بسياسة مالية ونقدية متوازنة تعمل جاهدة على تقليل تداعيات الجائحة الاقتصادية .

الاردن وعبر مسيرة الاستقلال استطاع وبصبر وعزيمة الآباء والأجداد بناء مؤسسات وشركات اقتصادية كبرى في مقدمتها شركتا البوتاس والفوسفات ثم مصفاة البترول وشركة الكهرباء ، اضافة الى نهضة في مؤسسات الخدمات التعليمية والصحية وغيرها ، لتأتي درّة المشاريع الاقتصادية مع بدايات القرن الجديد مع انشاء « منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة « التي باتت تضم حول شاطئها الذي لا يزيد على ( 27 كيلو متر مربع ) مشاريع يقدّر حجمها بعشرات المليارات سواء تلك القائمة على الارض أو تلك المنوي انشاؤها ، اضافة الى نهضة عقارية وعمرانية في العاصمة وغيرها و بمشاريع واستثمارات في مقدمتها ( بوليفارد العبدلي ) .

« الاستقلال الاقتصادي « جهد متواصل يتطلب مزيدا من البرامج والخطط من اجل الوصول الى مرحلة « الاعتماد على الذات « و» الاكتفاء الذاتي « وهو ما يدعو اليه دائما وابدا جلالة الملك عبد الله الثاني ويوجه اليه الحكومات من اجل الوصول الى « الأمن الغذائي « و» الأمن الدوائي « و» أمن الطاقة « .. وغير ذلك من أجل الحفاظ الدائم على « الأمن الاقتصادي « .. بعيدا عن اية ضغوطات قد تفرضها الظروف او برامج مانحين دوليين سواء البنك الدولي او صندوق النقد الدولي او اية جهة مانحة لقروض او مساعدات ، وسواء ضغطت او فرضت او لم تفعل ايا من ذلك ، لكن من المهم جدا ان تعمل الحكومات المتعاقبة والاجيال المقبلة على الحفاظ على منجز الآباء والاجداد ، وصولا الى مرحلة « الاعتماد على الذات « في كل شيء ورغم ضعف الامكانات وشح الموارد فنحن شعب عوّدنا الهاشميون على أن نحوّل التحديات الى فرص ، نرفع رؤسنا شامخة لا تنحني الا لخالقها ، نعتز باستقلالنا وبمنجزاتنا ، ونعمل جاهدين كي « تستمر المسيرة « .