لم يكن يوم أول أمس الجمعة سعيدا للكثير
من المواطنين والقطاعات التجارية، رغم
السعادة الشعبية بالإنتصار الذي حققته
المقاومة الفلسيطينية وانتزعت قرار وقف
الإعتداءات الإرهابية من قبل السلطة العسكرية
الإسرائيلية، فقد فقدت خمس محافظات
وأهمها العاصمة عمان الطاقة الكهربائية تماما
وأضحى ثلاثة أرباع سكان الأردن بلا كهرباء في
لحظة واحدة وهذا ليس بالأمر العادي، بل هو
أشبه ما يكون لكارثة مؤقتة حتى الاتصالات
الهاتفية انقطعت لفترة طويلة، وكأنما عدنا
الى ما قبل عام 1920 ،ولهذا يبرز ملف الكهرباء
وتوليده وتوزيعه كأهم قوة حيوية تحرك كافة
القطاعات في البلد، وإي إضرار بها يعني أن حربا خفية قد شنها سكان الفضاء علينا،
وهذا بالطبع تهديد للأمن الوطني.
في الرواية الأولى وجهت أصابع المسؤولية على شركة الكهرباء الأردنية، وهي براء من
ذلك لأنها غير مسؤولة عن التوليد، ثم تقاذفت المعلومات غير الرسمية عبر ما توفر من
تراسل للمعطيات الهاتفية أن السبب هو في تجربة ربط كهربائي مع مشروع العطارات المتوقف أدى الى تغير وعدم تكيف ما بين شبكة الضغط العالي للمشروع وشبكة
الشركة الوطنية، ثم وبعد إعادة التيار قالوا أن هناك مشكلة حدثت في الربط الكهربي
مع المزود من مصر، وكل تلك الروايات تم نفيها من مصادرها، وهذا يعني ان هناك خطأ
فادحا وقع ويجب أن لا يتكرر، فنحن حتى الآن لا ندري أي رواية نصدق، بعد التصريح الأخير أن
البحث جار عن السبب الحقيقي
في الذهنية الشعبية يحلو لنا ان نناكف الرواية الرسمية دائما، فقد خرجت رواية تآمرية بأن
الحكومة مسؤولة عن ذلك الإنقطاع لعدم تغطية فعاليات المظاهرات التي خرجت
الجمعة للإحتفاء بالإنتصار الفلسطيني على عدوهم الصهيوني، ولكن ذلك لا يمكن أن
يكون رأي عاقل، فعبر عشرة أيام مضت عقب ابتداء العدوان البربري على غزة خرجنا
بمظاهرات وتغرديات وكتابات مؤيدة ومساندة للقضية الفلسطينية ولشعب غزة
ومقاومتها التي أركست عدوهم، وسارت مظاهرات لأول مرة حتى حدود الخط الحدودي
الأردني الفاصل مع الجانب الإسرائيلي في الأغوار، ولا يمكن لأي مسؤول ان يفكر حتى بتلك
الفكرة الخبيثة.
إذا أين الخطأ ومن المسؤول عن ذلك، وكيف نضمن عدم تكرار تلك الضربة الموجعة
للقطاعات التجارية والمهنية والبيوت التي تضررت أجهزتها الكهربائية من ذلك،خصوصا
لو لا قدر االله أن أحد المستشفيات تعطل فيه مولدات الكهرباء الإحتياطية، فأي كارثة
كانت ستحصل، ناهيك عن فوضى حركة السير بعد تعطل الإشارات الضويئة على
الشوارع الرئيسة،التي تولتها طواقم الأمن العام؟
من هنا تبرز الأهمية الأشد للحفاظ الأمني الشخصي والسيبراني على محطات التوليد
الكهربية، فالتاريخ يخبرنا أن الحروب عندما تقع على البلدان تكون المحطات الكهربية
ومصافي الوقود ومزودات المياه والجسور هي الرقم واحد في الاستهدافات الأولية، وهذه
مهمة صعبة ومسؤوليتها يجب تناط بحراسات عسكرية أو أمنية عالية الكفاءة،وهذا ما
يستوجب إعادة تدخل الحكومة في معايير السلامة العامة ومراقبة المحطات والإشراف
المباشرعليها،وهذا بالطبع لا يجعلنا نشكك في قدرة الكفاءات الموجودة لدى الشركات،
بل للتأكيد على سلامة وضع الطاقة الذي فقدناه لحساب شركات القطاع الخاص ومن
بعضها من تستوفي أرباحها مباشرة دون إنتاجية،ونحن ندفع الثمن