2024-11-27 - الأربعاء
00:00:00

آراء و مقالات

المصري يكتب: "المدن الزراعية .. قاطرة التنمية الاقتصادية"

{clean_title}
صوت عمان :  


-"انشاء مدن زراعية ينمي المجتمعات المحلية ويعزز مفهوم دولة الانتاج"

-"المدن الزراعية المتكاملة.. الطريق لجذب استثمارات جديدة وبناء دولة الانتاج"

-الأردن قادر على انشاء مدن زراعية بهمة المستثمرين المحليين ورجال الأعمال

-إنشاء المدن الزراعية مقدمات لإنهاء الاقتصاد الاستهلاكي

بقلم المهندس أمجد لبيب المصري

فتحت جائحة كورونا شهية إحداث التغيير في الواقع المحلي، وإتاحة الفرصة لتعزيز مفهوم دولة الإنتاج والاعتماد على الذات من خلال إعادة إحياء الزراعة.. والسؤال كيف يتم ذلك ؟؟ وكيف يمكن استغلال الظروف وتحويلها إلى تنمية اقتصادية تعمل على تحقيق النمو المنشود من خلال القطاع الزراعي، والجواب بسيط إلا أنه يحتاج إلى مبادرة وخطط وبرامج ممنهجة تُطبخ في المطبخ الاقتصادي بين القطاع الخاص والمستثمرين الأردنيين بالدرجة الأولى مع القطاع العام.

ومن هنا تبلورت الفكرة.. لماذا لا يتم إنشاء مدن زراعية ضمن الرؤى الملكية ،أسوة بمدن الملك عبدالله الثاني الصناعية على مستوى المملكة ؟!

والعمل على الانتاج الزراعي وتعزيزه، لتكون خطوة أولية لتحقيق الأمن الغذائي، فالتوجهات والرؤى تصب ناظرها إلى القطاع الزراعي، وقد آن الآوان بتوجه المستثمرين المحليين للاستثمار به، والوقوف إلى جانب الوطن والمواطن في ظل الظروف الحالية، ولا بد البدء بالزارعة المحلية وتطويرها، لوضع الأردن ضمن الخارطة الزراعية العالمية.

وعند الرجوع بالذاكرة قليلاً، نجد بأن الجهات الرسمية قررت بدعم القطاع الصناعي كونه قطاع مهم وحيوي ، فدأبت إلى إنشاء مدن صناعية مختلفة تكون الأساس لدعم المنتجات المحلية وأرضية خصبة للانطلاق إلى دول الخارج وتحقيق المكاسب وتنمية القطاع، وهذا ما يجب فعله مع القطاع الزراعي.

الفكرة بسيطة لا تحتاج إلى مجهود كبير، فكما تحدثنا سابقاً إلى امكانية إنشاء وتأسيس غرفة زراعة الأردن لتكون محور أساس وتعمل على لملمة الشمل لأبناء القطاع، أصبح الأمر الآن وبمتابعة مفهوم التكامل الفعلي بين كافة الجهات، التوجه للعمل على إنشاء مدن زراعية جديدة تعمل على توسيع قاعدة إنشاء الاستثمارات وتوزيعها على مختلف المناطق، كمناطق محفزة وجاذبة للاستثمار تتمتع بالكثير من المزايا والحوافز والإعفاءات المشجعة للمستثمرين الأردنين وغير الأردنيين، مما يعمل على تحقيق التنمية الشاملة،من خلال تنمية وتطوير القطاع الزراعي، ووضع استراتيجية ورؤية اقتصادية واضحة من أجل انشاء المدن بشكل متكامل ، وبمشاركة القطاع الخاص، لدعم القطاع وتحقيق التنمية الاقتصادية، فالأردن يمتلك المساحات الواسعة من الأراضي المهيأة للزراعة، ومن الممكن أن نعمل على وضع منظومة شاملة لدراسة المساحات الزراعية الممكن استخدامها، بما يعرف بـ "الروزنامة الزراعية" التي كانت تستخدم في وقت سابق، بحيث نستطيع من خلالها معرفة حاجات الأراضي وما يناسبها من زراعات مختلفة على مدار العام.

الخطط والبرامج من السهل العمل عليها، وكتابة آلاف السطور عن الآلية والمنهجية،ولكن ما هي كيفية البدء بهذه العملية أو لنطلق عليها اسم مبادرة "همة أرض" على الواقع ؟؟

أولاً.. في البداية يجب التوجه لإقرار نظام خاص لإنشاء مدن زراعية خاصة تتمتع بمزايا مثل مزايا المناطق والمدن الصناعية لتوسيع القاعدة الانتاجية وجذب مزيد من الاستثمارات، وتكون متكاملة ومدعمة بالبنية التحتية والخدمات اللوجستية، من نقل وتخزين وتسويق للمنتجات والمحاصيل، بحيث يتم التخفيف من معاناة المازرع في تلك الأمور، والتركيز فقط على المنافسة بالمنتج من حيث النوعية والجودة في الأسواق العالمية.

ثانياً.. على القطاع الخاص والمستثمرين الأردنيين وأصحاب رؤوس الأموال ، بالعمل والتوجه للمدن الزراعية وتقديم الدعم المادي ، من خلال استثمار الأراضي داخل تلك المدن التي تقرها الحكومة وفق المواصفات العالمية، والاستثمار ضمن صندوق يتم تأسيسه لهذه المدن، وهدفه العمل على توفير الامكاينات والاحتياجات المناسبة للزراعة ،والتي من الممكن أن يتم انشائها على عدة مراحل وفي مختلف المناطق ، الأمر الذي سيسهم بشكل كبير على دعم تلك الفكرة والقطاع الرزاعي، وتكون مبنية على أساس التعاون والشراكة الحقيقية بين رجال الأعمال والمستثمرين،وتصب بمصلحة الجميع بمختلف الجوانب.

المبادرة من قبل المستثمرين الأردنيين للتوجه إلى المدن الزراعية ، والمساهمة الجادة، سيؤدي إلى إيجابيات اقتصادية واجتماعية وتنموية، أعمق من مجرد كونها مجرد تجمعات أو مدن، فهي ستكون الأساس للانطلاق نحو دولة الانتاج وتحقيق الأمن الغذائي، وزيادة الاستثمار في القطاع، ليصبح رافد أساسي لتوفير فرص العمل والحد من البطالة وآثارها السلبية بكل أبعادها، كما أنها ستكون بنية تحتية للتكامل الزراعي وتعظيم القيمة المضافة له، وملبيةً لاحتياجات السوق المحلية والحد من الاستيراد.

إن الرؤية الاستراتيجية الزراعية الوطنية تحتم بأن تكون المرحلة المقبلة مرحلة الانتقال إلى الثروة المكتسبة التي تعتمد على الإبداع والابتكار، فالاهتمام بتنمية الإبداع والابتكار باعتباره هدفاً من أهداف الاستراتيجية الزراعية الوطنية، وذلك يتحقق بتوفير أراضي زراعية، والعمل على التوسع لتحقيق التنمية المتوازنة.

إن الاقتراح بإنشاء المدن الزراعية يتزامن مع التوجه الذي تهدف له الرؤية المستقبلية نحو إعطاء القطاع مزيداً من المسؤولية والاهتمام، خاصة وأن التوجهات أصبحت واضحة المعالم للزراعة في إنتاج المحصول الوطني، وتأمين حاجات العالم الغذائية بشكل فعّال ومستدام، والأهم السعي نحو تذليل كافة المعوقات التي تحد من النهوض بالزراعة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على وضع الزراعة على سلم الأولويات للقاعدة الاقتصادية الصلبة، وإعادة النظر في أهمية الزراعة المحلية، فالفرصة الآن كبيرة أمام إحياء الزراعات المحلية بدلاً من الاعتماد على المنتجات المستوردة، واعطاء الفرصة أمام المزارعين في تحقيق وتوسيع المكاسب والإسهام في دولة الانتاج.

المرحلة تحتاج إلى تكريس الجهود لتحقيق التعافي الاقتصادي ، وذلك من خلال برامج واضحة الخطوات، وذات أثر ملموس لتحفيز النمو ، وبالتالي وجب الأخذ بزمام الأمور والوقوف إلى جانب الوطن ، وفتح الآفاق في التفكير للنهوض من قبل رجالات الوطن، والرؤى والأنظار تتجه للزراعة ولمهنة الآباء والأجداد.. والاتجاه نحو القطاع الزراعي وإنشاء المدن الزراعية وفق الرؤى الملكية أسوة بالقطاعات الأخرى، بسواعد وجهود أردنية شبابية ومستثمرين محليين، لتحقيق الأهداف المرجوة في تحقيق التنمية، والاعتماد على الذات، فإن بدأنا بهذه المبادرة، سنعمل على إحداث هالة جديدة ،تساهم بخلق حراك اقتصادي في المملكة على كافة الأصعدة من خلال جذب الاستثمارات الخارجية، وإحداث نقلة نوعية في الجوانب الاقتصادية والزراعية والثروة الحيوانية.