أعلنت دائرة الإحصاءات العامة نتائج مسح العمالة والبطالة والتي تشير الى ارتفاع معدل البطالة لـ24.7 ٪ أي ان واحدا من كُل أربعة من النشطاء اقتصادياً متعطل عن العمل. بقيت معدلات البطالة مرتفعة في السنوات العشر الأخيرة ولكن جائحة كورونا فاقمت من المُشكلة وعمقت من آثارها. الركود الاقتصادي وتوقف بعض القطاعات الاقتصادية بالكامل بسبب الجائحة أدى الى زياده الصعوبة في الدخول لسوق العمل للقادمين الجدد ناهيك عن تسريح العديد من العاملين من المنشآت التي اغلقت او توقفت عن العمل بسبب الجائحة.
بعض المؤشرات تدل على عمق المُشكلة فمثلا نلاحظ ان ستة من كُل عشرة اشخاص من النشطاء اقتصادياً في الفئة العمرية 15– 19 هم من المتعطلين عن العمل وكذلك الحال بالنسبة للفئة 20– 24 فخمسة من كُل عشرة اشخاص متعطلين عن العمل. كذلك الحال بالنسبة لحملة البكالوريوس حيث ان ثلاثة من كُل عشرة اشخاص هم متعطلون عن العمل وان ثمانية تقريباً من كُل عشر اناث من حملة البكالوريوس فأعلى هن من المتعطلات عن العمل.
ان أسباب وخصائص البطالة معروفة منذ فترة زمنية طويلة فبعضها هيكلي وخاصة عدم التوافق بين مؤهلات الناس والعمل المطلوب وجزء منها ناتج عن التقدم التكنولوجي والآخر مرتبط بالعمالة الوافدة والتي يقدر حجمها بنصف حجم القوى العاملة في الاردن ناهيك عن الاسباب الاجتماعية التي تتفاعل مع كل ما ذكر والمحصلة معضلة كبيرة لسوق العمل الاردني.
اذا لا توجد حلول سريعة وسحرية لمشكلة البطالة لأن أسبابها مُعقدة واغلب الحلول المطروحة لمشكلة البطالة كالمواءمة بين متطلبات سوق العمل والتعليم والاهتمام بالتعليم العملي والتقني والاستثمار في مشاريع مولدة للعمالة واتباع سياسات تنظيم سوق العمل وغيرها من الحلول تحتاج لوقت حتى تؤتي ثمارها في حال تطبيقها.
استفحال مُشكلة البطالة وفيروس كورونا في الوقت نفسه يوجه الأنظار الى ما يمكن ويجب فعله في المرحلة الحالية للتخفيف من حدة آثار هذه الازمة على المتعطلين انفسهم وعلى اسرهم لا بل على المجتمع ايضاً لأن ديمومة البطالة تشكل أرضية خصبة لممارسات وسلوكيات سلبية وتزيد من حالتي اليأس والإحباط لدى فئة الشباب بشكل خاص.
الحكومات السابقة لم تفعل الكثير لمعالجة الاسباب الحقيقية للمشكلة واكتفت بالتسكين من خلال بعض الاجراءات المكررة التي ثبت عدم جدواها وحدها بمعالجة المشكلة مما ادى لما نحن فيه اليوم.
والسؤال الملح هو اذا ما كان هناك ما يمكن عمله للتخفيف من حدة البطالة من منظور الحماية الاجتماعية كإجراءات آنية للتخفيف من حدة آثار البطالة على معيشة الناس.
بالطبع الحلول ممكنة ولكنها تعتمد على توفر التمويل الضروري لهذه الحلول، أغلب الدول القادرة ماليا تلجأ الى تقديم الدعم المالي للمتعطلين عن العمل في ظروف الجائحة مما يوفر لهم احتياجاتهم الأساسية لفترة زمنية محددة. لكن نظراً للظروف المالية القاسية التي تعاني منها الأردن وتراجع الإيرادات نتيجة للأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا فلا يبدو ان هذا الحل مطروح على الطاولة اليوم. ان تجاهل المشكلة لن يؤدي الى اختفائها. المطلوب حاليا وفي ظل الجائحة التدبير والتفكير خارج الصندوق والنظر في امكانية تقديم مساعدات مالية خلال فترة الجائحة للتخفيف من آثارها على المتعطلين وحمايه المجتمع من آثارها.
بالتأكيد لن يغني ذلك عن الحلول الجذرية ولكن الوقت ضاغط على الجميع.