بالإنتهاء من التعديل "الحقيقي” الأول لحكومة الدكتور الخصاونة لا بد من وقفة تأمل ومراجعة ومحاسبة لما تم لغاية اللحظة وعن ما يحمل من معان للمرحلة اللاحقة، كي نتفق على آلية صحيحة لهذه المراجعة لا بد أن نكون متفقين على ماهية "المسطرة” أو وحدة القياس التي يجب أن نقيس بها درجات النجاح أو الفشل، رغم أنه وإن أردنا الحديث بموضوعية ودون أي تعصب فإن فترة الحكومة الكلية لن تعط أبداً المؤشرات الصحيحة لكل ذلك.
مسطرتنا للقياس هو خطاب التكليف السامي لهذه الحكومة ورد رئيس الوزراء في على خطاب التكليف السامي وكلماته في مجلس النواب للحصول على الثقة ورده على ملاحظات السادة النواب وجميعها حددت التحديات التي على الحكومة مواجهتها أيضاً في المرحلة المقبلة، مالذي تم إنجازه وما هو بطور الإنجاز؟
التحدي الأكبر هو شبح هذا الوباء والذي يطاردنا يومياً ليس فقط بتعرضنا للمرض أو خطف أرواح الكثير من الأعزاء علينا وخاصةً كبارنا وكل ما يمثلوه بالنسبة لنا وأيضاً أرواح شباب بعمر الورد وهذه لا شك هي الخسارة الأكبر والتحديات الأخرى والتي هي نتيجة حتمية للوضع الوبائي وأخص هنا التحديات الإقتصادية الإجتماعية والوضع التعليمي والوضع المالي للدولة الأردنية وأخيراً تحدي الإصلاح السياسي والذي طفى على الساحة بعد الإنتخابات النيابية الآخيرة.
بالتأكيد جميع هذه التحديات وهي واحدة أصعب من الأخرى ولقدر صعوبتها لا يحسد الرئيس على الوضع الذي هو به فعلياً، لكن كيف واجه الرئيس هذه التحديات وكيف إنعكست على تعديله الآخير؟
في ما يخص التحدي الوبائي، الرئيس أعطى ثقةً كبيرة للفريق الصحي وواضح من هذا التعديل أنه قد منح أحد نجوم مواجهة الوباء حقيبةً ثقيلة ممثلةً بوزارة الداخلية وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على درجة الثقة الموجودة لدى الرئيس تجاه هذا الفريق رغم كل المشاكل التي تتمثل بالمرحلة الحالية بتوفر اللقاح وعدد الأردنيين الذين حصلوا عليه؟
التحدي أو التحديات الأخرى التي نجمت عن التحدي الأول والتي بالنهاية لا تقل أهمية هل واجهها الرئيس بنفس الثقة أو بقدر موازٍ، الفريق الإقتصادي، تخلى الرئيس عن رئيسه ولا يظهر واضحاً من سيتولى رئاسة هذا الفريق؟ وهذا بحد ذاته سيزيد من صعوبات المرحلة وخاصةً في مواجهة الوضع الإقتصادي الإجتماعي والمالي لدولتنا الأردنية، البطالة وصلت لدرجات عالية والأرقام التي أعلن عنها رئيس ديوان الخدمة المدنية هي لا شك أرقام مرعبة ويجب مواجهتها لأنها تنذر بما هو أسوأ (سأفرد لهذه الأرقام مقالاً منفصلاً)، في هذا المجال أعتقد أنه كان إيجابياً تفرغ وزير العمل لهذه الوزارة وحدها لما تحمله هذه الوزارة من أهمية في التوازن الإقتصادي الإجتماعي، الوضع المعيشي للأردنيين يزداد سوءً والفقر يهجم بقوة ويسيطر على مساحات دائماً أوسع بالمجتمع الأردني، الشراكة مع القطاع الخاص أين وصلت وما هي خطط الحكومة لهذه الشراكة والتي يجب أن تبنى على أسس متينة؟
الوضع المالي وأمام الإلتزامات الداخلية والدولية وشح المساعدات الدولية يعاني الأمرين وهو بالأصل كان مرهقاً لكنه بالتأكيد مع هذا الوباء يزداد سوءً، ناهيك عن الوضع التعليمي والتربوي الذي نمر به، لم يفهم في هذا المجال وفي ظل كل الصعوبات التي تعيشه العائلات الأردنية دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، إعتقادي أن نوايا الرئيس ورغبته بترشيق فريقه كان من الواجب تلاشيها في هذا المجال بالذات في الوقت الحالي.
أمام كل ذلك يبدو الإصلاح السياسي أمر ليس ذات أهمية، لكن لكل ما قيل لهذه اللحظة منذ الإنتخابات النيابة وبإختصار لا بد أن نصل لقناعة بأنه يجب أن تتاح للإردنيين فرصة من يمثلهم بحق داخل مجلس النواب والذين يجب أن يكونوا على مقدرة من إدارة مختلف الملفات التي تحدثت عنها وهنا تكمن أهمية هذا الإصلاح والذي بالتالي يصبح من أهم التحديات.
أكتفي بهذه التحديات الداخلية وإنعكاساتها ودلالاتها على هذا التعديل.