ليلة استثنائية لم تشبه أي ليلة أخرى ؛ ليلة تتأرجح فيها الأنفاس بين الشغف والترقب، حيث اصطف منتخبنا الأردني (النشامى) في مواجهة شقيقه المنتخب السعودي، حاملًا على عاتقه آمال أمّة بأكملها. في المدرجات، كان قلب الأردني ينبض بالقلق، نعم ، كان يقلق من قوة المنافس، يقلق من عثرة قد تُبدد الفرحة، يقلق من مسؤولية التمثيل المشرّف.
لكن فوق هذا القلق الذي يسري في عروق الجماهيرالأردنية، كان هناك صوت حكيم يتردد صداه في أعماق الوجدان، صوت جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه وهو يقول: "نعم يقلق ،لكن لا يخاف إلا الله".
و بدأت المباراة وسط نبض هذا القلق النبيل، قلق لم يكن عائقًا بل محفزًا يقود النشامى إلى أداء جماعي متقن. لم يكن هذا القلق قيدًا يشلّ الحركة، بل كان حالة من اليقظة التكتيكية. رأينا كيف ترجم النشامى هذه المشاعر إلى دفاع منظم ودقيق. تغطيةُ اللاعبين لبعضهم كانت مثالًا للالتزام، ووعيهم بخطورة أي هفوة كان واضحًا في كل حركة. هذا هو القلق الإيجابي الذي يولد تخطيطًا مُحكمًا وأداءً متوازنًا أمام منافس أخوي قوي مثل المنتخب السعودي.
ومع توالي الدقائق، بدأت تتجلى الثقة المطلقة المستمدة من الحكمة الملكية. زال الخوف، وحلّ محله اليقين الهادئ. بدأ النشامى ينسجون هجماتهم بهدوء وثقة، بعيدة عن الانفعال. وكانت التمريرات دقيقة، والتحركات مدروسة؛ كأنهم يقولون: نحن لا نخشى النتيجة، بل نسعى إليها بإيمان.
ثم جاءت لحظة التتويج؛ الهدف الأردني الذي أشعل المدرجات؛ لم يكن الهدف نتيجة حظ عابر، بل كان تتويجاً للقوة الهادئة. شاهدنا كيف سُجّل الهدف، وكيف كانت الفرحة تحمل بصمة الشموخ واليقين، رافعين الايدي إلى السماء في شكرٍ يجسد قوة الايمان، الايمان التي سُطّر بحديث مليكنا المفدى: "لا يخاف إلا الله". لم يخفِ الهدف الإرادة، ولم يهزمها ضغط المنافس، فكان الجزاء نصراً.
وعند صافرة النهاية، تحولت دموع النشامى إلى تعبير عن التحرر من القلق، هذا القلق الذي حملوه طوال التسعين دقيقة، فأصبح الانتصار برهاناً ساطعاً على أن الأمة التي يقودها ملكُُ حكيم يجمع بين الحكمة والإيمان، هي أمة قادرة على تجاوز كل التحديات وتحويلها إلى نجاحات تبني مستقبلًا مشرقًا. لقد كان فوز النشامى في هذه الليلة، ليس مجرد نتيجة رياضية، بل فصلاً جديداً يُضاف إلى ميثاق الثبات الوطني ، مُعلناً أن الإرادة الأردنية راسخة، مؤمنة، لا يهزها قلق، ولا يُصيبها خوف،،، والرحلة مستمرة بعون الله نحو كأس العالم .حيث يبقى الإيمان بالإرادة سندًا والإنجازُ سبيلًا.