رغم ما يتميز به الفنان الأردني من موهبة حقيقية وإبداع أصيل، ما زال يواجه صعوبات متكررة جعلته يتراجع عن موقعه الطبيعي في ساحة النجومية العربية. هذه الصعوبات ليست مرتبطة بقدرات الفنان نفسه، بقدر ما هي انعكاس مباشر لضعف الإنتاج وقلة الدعم المؤسسي، ما جعل كثيراً من المبدعين يخرجون من سباق النجومية رغم ما يملكون من طاقات فنية تضاهي كبار النجوم في المنطقة.
أول هذه التحديات يكمن في غياب شركات الإنتاج المحلية الفاعلة، حيث تراجع الاستثمار في الدراما والموسيقى والمسرح بشكل واضح، ولم تعد هناك جهات قادرة على تبني المواهب وصناعة النجوم. إضافة إلى ذلك، فإن التلفزيون الأردني – الذي كان من المفترض أن يكون الراعي الأول للفن المحلي – قصّر بشكل ملحوظ في إنتاج وشراء وتسويق الأعمال الأردنية، مما حرم الفنان من نافذة مهمة للوصول إلى جمهوره.
إلى جانب ذلك، يواجه الفنان الأردني مشكلة ضعف التسويق خارج الحدود. فبينما نجحت دول أخرى في تحويل فنونها إلى قوة ناعمة جذبت المشاهد العربي والعالمي، بقي الفنان الأردني أسير حدود محلية ضيقة، يُقدَّم أحياناً في أعمال لا تحظى بالترويج الكافي ولا الدعم الإعلامي المطلوب.
إن النتيجة الطبيعية لهذه الظروف هي تراجع حضور الفنان الأردني في الساحة العربية، ليس لأنه أقل إبداعاً، بل لأنه أقل حظاً في الدعم والرعاية. ولعل ما يؤلم أكثر أن عدداً كبيراً من الفنانين اضطروا للبحث عن فرص خارج الأردن، حيث يجدون هناك ما حُرموا منه في بلدهم.
لقد آن الأوان لإعادة النظر في سياسات دعم الفن الأردني، بدءاً من تفعيل دور المؤسسات الرسمية، مروراً بفتح المجال أمام شركات الإنتاج الخاصة، وانتهاءً بتسويق الفنان الأردني عربياً وعالمياً. فالفن ليس ترفاً، بل هو قوة ثقافية واقتصادية يمكن أن ترفع صورة الأردن وتؤثر في محيطه.
إن الفنان الأردني يستحق أن يُمنح فرصة حقيقية توازي إبداعه، وأن يجد منصة تليق بما يقدمه من رسالة فنية وإنسانية. فالوقت قد حان لنعيد للفن الأردني مكانته التي يستحقها .