في خطوة استراتيجية لتعزيز موقع الأردن على خريطة الاقتصاد الرقمي العالمي، يستعد البنك المركزي الأردني لإطلاق خدمة "كليك بلس” (CliQ Plus) للحوالات المالية العابرة للحدود. هذه الخدمة الجديدة، المبنية على نجاح نظام "كليك” المحلي للمدفوعات الفورية، تمثل تحولًا جوهريًا في آليات إرسال واستقبال الأموال من وإلى المملكة، بما يَعِد بسرعة أعلى، وكلفة أقل، وانسجام كامل مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي.
وأكد الخبير الاقتصادي منير أبو دية أن إطلاق "CliQ Plus” جاء امتدادًا للتطور الكبير الذي شهده نظام المدفوعات الرقمية في الأردن، موضحًا: "لقد سجل نظام ‘كليك’ وحده خلال عام 2024 أرقامًا لافتة، حيث بلغت قيمة الحركات المالية عبره نحو 12 مليار دينار أردني، تمت من خلال حوالي 84 مليون حركة، وبقاعدة مستخدمين نشطة تجاوزت 1.7 مليون شخص.”
وأشار أبو دية إلى أن هذا الزخم الكبير يشكل قاعدة صلبة لنجاح الخدمة الجديدة، التي من شأنها توسيع نطاق الشمول المالي، وتسريع إنجاز التحويلات عبر الحدود، وتخفيض الكلف بشكل ملموس، مما سيجذب شرائح جديدة من المتعاملين.
وأوضح أن الخدمة ستلبي احتياجات شريحتين أساسيتين في الاقتصاد الوطني:
1.المغتربون الأردنيون الذين يضخون سنويًا ما يقارب 3 مليارات دينار في الاقتصاد المحلي، وستوفر لهم القناة الأسرع والأقل تكلفة لتحويل الأموال إلى عائلاتهم.
2.العمالة الوافدة المقيمة في الأردن، إذ ستتيح لهم وسيلة رقمية آمنة وفعّالة لتحويل مدخراتهم إلى بلدانهم، مما يعزز اندماجهم في النظام المالي الرسمي ويزيد من شفافية هذه التحويلات.
وبيّن أبو دية أن إطلاق الخدمة على مرحلتين – الأولى عبر شركات الصرافة، والثانية عبر البنوك وتطبيقات الهواتف الذكية – يعد خطوة ذكية لحماية قطاع الصرافة وإعطائه فرصة للتكيف مع التحول الرقمي، محذرًا في الوقت ذاته من أن شركات الصرافة قد تخسر جزءًا كبيرًا من حصتها السوقية عند اكتمال المرحلة الثانية.
وفيما يتعلق بمخاوف غسل الأموال وتمويل الإرهاب، شدد أبو دية على أن النظام سيخضع بالكامل لرقابة البنك المركزي الأردني وفقًا لأحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مؤكدًا أن الأردن حريص على الحفاظ على سمعته الممتازة في الأسواق المالية الدولية.
كما أقر بوجود تحديات مستقبلية تتعلق بالجوانب التقنية والتنظيمية، مثل حماية بيانات المتعاملين وضمان أمن الأنظمة ضد محاولات الاحتيال، إضافة إلى ضرورة تطوير أطر تشريعية وقانونية متكاملة.
واختتم أبو دية بالتأكيد على أن "كليك بلس” ليست مجرد خدمة مالية جديدة، بل مشروع وطني استراتيجي من شأنه تسريع التحول الرقمي، تقليل الاعتماد على النقد، تعزيز الشمول المالي، ودعم الاقتصاد الوطني بكفاءة وشفافية أكبر