((بآلية عمل ومقترحات ... الى مجلس جديد بعقلية الدولة الحديثة)).
الباحث: سهم خالد العجارمة
في المقال السابق ناقشنا مع بعض الأسئلة المهمة اللي بتدور حول مستقبل مجلس عشائر العجارمة، وتطرقنا إلى الحاجة الملحة للخروج من الأساليب التقليدية القديمة نحو آفاق جديدة أكثر تنظيمًا ووضوحًا، واليوم راح نواصل اللي بدأناه بدأناه سابقًا لننتقل من ((مرحلة تشخيص الواقع)) إلى ((مرحلة تقديم الحلول والمقترحات))، ولنضع تصورًا واضحًا وآلية عملية قابلة للتطبيق، لأن ما نطمح إليه اليوم لا يحتمل مجرد الأماني والكلام، بل يحتاج إلى خطوات واضحة ومتسلسلة تنطلق من رؤية واضحة، وتسير وفق خارطة طريق محكمة ومترابطة.
"بدنا عمل حقيقي من الجميع، لأنه كثرة طرح المشكلات بتحط العقدة بالمنشار"
وأول ما نحتاجه في هذه المرحلة هو بناء هيكل تنظيمي واضح وفاعل يقوم عليه المجلس، "وخلينا نركز على كلمة فعال" بحيث يتشكل هذا الهيكل من إدارة عليا متمثلة برئيس للمجلس وعدد من نوابه وأمناء السر، وكذلك أمانة عامة تنفذ القرارات، وتشرف على سير العمل اليومي بشكل دقيق "اه يومي...التقدم مش بالساهل"، إضافة لذلك نحتاج أيضًا إلى تشكيل لجان متخصصة فعالة "ارجع ركز على كلمة فعالة"، بحيث تتنوع هذه اللجان بين لجان اقتصادية تتولى وضع الخطط التنموية، وتنفذ مشاريع ترفع من مستوى الدخل وتوفر فرص العمل، ولجان اجتماعية وثقافية تتولى إقامة الأنشطة التي تعزز روح الترابط والتكافل بين أفراد العشيرة "في عنا شعراء وشاعرات، كُتاب وكاتبات،......وحتى تنظيم البازارات وغيرها من المجالات الثقافية"، بالإضافة إلى لجان قانونية وتنظيمية تتولى صياغة أنظمة المجلس الداخلية، وتضع شروطًا واضحة للعضوية وآليات اتخاذ القرار، وأيضًا لجان خاصة تُعنى بالشباب والمرأة وذوي الاعاقة "هان مربط الفرس" هل شباب العشيرة مشاركين؟، هل هناك دور للمرأة؟ هل هناك إحصائية لأعداد ذوي الإعاقة بمختلف أنواعها في العشيرة؟
يجب أن نسعى جاهدين لتأهيلهم وتمكينهم اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا، مع أهمية الحرص على أن تكون آلية اختيار أعضاء هذه اللجان عن طريق الانتخاب المباشر من الهيئة العامة للمجلس، وتكون مبنية على معايير واضحة كالكفاءة والخبرة والاختصاص، لضمان حسن الأداء واستمرار التطوير والتحديث، واكيد مجلس استشاري مكون من كبارنا، فهم أصحاب الخبرات ومستحيل يسير المركب من غيرهم "فاللي ما اله كبير، يشتريله كبير".
وحتى نضمن فاعلية المجلس يلزمنا تحديد نظام واضح للعضوية فيه، بحيث تكون شروط العضوية معلنة وواضحة لجميع أبناء العشيرة، فلا يكفي أن يكون العضو منتميًا بالاسم فقط "يعني لا تكون حمل يثقل كاهل المركب، عليك أن تجذف" ، بل يجب أن يكون لديه التزام حقيقي بنظام المجلس الداخلي، وأن يساهم ولو بشكل رمزي في تمويل نشاطاته "نصف دينار بالشهر مثلاً، وانا متأكد ما حدى راح يوفر شيء وخاصة اذا لمس تغيير على ارض الواقع"، لأن ذلك يعزز الانتماء الحقيقي ويؤكد المسؤولية تجاه المجلس، وفي المقابل سيكون لكل عضو حقوق واضحة منها المشاركة في الانتخابات، والمشاركة في اتخاذ القرارات، إضافة إلى الترشح للمناصب واللجان وفقًا لمعايير الكفاءة، وهذا كله يجب أن يقابله التزام من العضو نفسه بالمشاركة الفعلية والفاعلة في اجتماعات المجلس الدورية "لا تكثر الشكوى، مد ايدك وافلح"، والالتزام بتنفيذ ما يصدر من قرارات، مع الحرص على وجود آلية تصويت شفافة وعادلة، تقوم على أن القرارات الأساسية تحتاج إلى أغلبية واضحة (الثلثين مثلًا)، بينما يكفي للقرارات الروتينية الحصول على الأغلبية البسيطة، مع ضرورة الإعلان عن نتائج أي تصويت بكل شفافية ووضوح، حتى يشعر الجميع بالثقة والرضا بعدالة العملية.
وعشان نحقق هذه الطموحات الكبيرة ونحس بالتغيير لازمنا خطط واضحة ومتدرجة تضمن ألنا السير بخطوات ثابتة نحو أهدافنا، فهناك خطط قصيرة المدى يمكن تحقيقها في عام واحد مثل تأسيس هيكل المجلس، وتشكيل اللجان، وإطلاق صندوق التكافل الاجتماعي الذي يستهدف دعم أبناء العشيرة في ظروفهم الصعبة، وخطط متوسطة المدى تتحقق خلال ثلاث سنوات، مثل إنشاء صندوق استثماري اقتصادي قادر على توفير فرص العمل وتنمية الموارد المالية للعشيرة، وخطط بعيدة المدى تحقق خلال خمس سنوات أو أكثر، مثل تأسيس مقرات فرعية دائمة في كل قضاء على اقل تقدير، وإقامة علاقات وشراكات اقتصادية تساهم في تحقيق استدامة مالية طويلة الأمد، مع أهمية وجود آلية واضحة لمتابعة تنفيذ هذه الخطط، تعتمد على المراجعة والتقييم الدوري كل ثلاثة أشهر، بحيث يمكننا قياس الإنجازات من خلال مؤشرات أداء دقيقة وواضحة، ويتم عرض هذه النتائج بكل شفافية على كافة أعضاء المجلس "لانه من الضروري نعرف كل شيء يصير في الكيان اللي يمثلنا".
وفي الختام وجب التأكيد أن هذه المقترحات ليست مجرد أفكار تطرح للنقاش، بل هي رؤية عملية متكاملة، قابلة للتنفيذ مباشرة إذا أردنا فعلاً أن ننتقل إلى مستوى أعلى من العمل، وهي مسؤولية مشتركة يتحملها كل أبناء العشيرة، لأن الواقع اليوم يحتم علينا العمل الجاد والمنظم، ويجعلنا مطالبين بالبدء الفوري، بعيدًا عن الشعارات والكلام العام، معتمدين على التنظيم المؤسسي والعمل الجماعي، لنبدأ اليوم العمل الجاد الذي سيقودنا حتمًا إلى المستقبل الذي نستحق، والذي يليق بنا وبأبنائنا.