تتصاعد وتيرة التكهنات والتحليلات في الأوساط السياسية والإعلامية الأردنية بعد سلسلة من التصريحات رفيعة المستوى، أبرزها تلك التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني مؤخراً بعبارة "عيب عليكم" وإشاراته الواضحة إلى تلقي البعض "أوامر من الخارج". هذه اللهجة غير المسبوقة، والتي تبعتها تصريحات لمسؤولين آخرين، أثارت موجة من التساؤلات حول طبيعة التطورات التي تلوح في الأفق وتداعياتها المحتملة على الأمن القومي الأردني.
لا يمكن فصل هذه التصريحات عن السياق الإقليمي والدولي المتوتر، والذي يلقي بظلاله على منطقة الشرق الأوسط بأسرها. فالأردن، بموقعه الجيوسياسي الحساس ودوره المحوري في استقرار المنطقة، لطالما كان هدفاً لمحاولات التأثير والتدخل الخارجي. ويبدو أن التصريحات الأخيرة تشير بوضوح إلى أن هذه المحاولات قد بلغت مستوى يستدعي التحذير العلني والمباشر.
يبقى السؤال الأهم: ما هي طبيعة "التطورات المفصلية" التي تلوح في الأفق؟ وما هي الإجراءات التي ستتخذها الدولة الأردنية لمواجهة التحديات المحتملة؟ لا شك أن الأيام القادمة ستحمل إجابات على هذه التساؤلات، وستكشف عن طبيعة المشهد الأمني والسياسي الذي يتشكل في الأردن.
ايضاً في المقابل، لا يمكن تجاهل التحذيرات المتزايدة من محاولات استغلال بعض التحركات الاحتجاجية لخلق الفتن وزعزعة الاستقرار. "بعض المظاهر التي نشاهدها في الوقفات الاحتجاجية لا تفهم إلا بسياق واحد هو خلق الفتن ومحاولات زعزعة الاستقرار" – هذا ما يراه مراقبون ومحللون يتابعون المشهد عن كثب. هذه الرؤية تستدعي وقفة تأمل وتقييم للمشهد الاحتجاجي، والتمييز بين المطالب المشروعة والتعبيرات العفوية عن الرأي، وبين محاولات التخريب والتحريض التي قد تستهدف النيل من الأمن الوطني.
يجب التنبه إلى محاولات استغلال هذا الحق التعبير لخدمة أجندات خارجية أو داخلية تسعى إلى إثارة الفوضى والبلبلة. فالفتنة، كما يعلم الجميع، لا تخدم إلا أعداء الوطن
في هذه المرحلة الدقيقة، تزداد أهمية الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، والوقوف صفاً واحداً خلف القيادة الهاشمية والأجهزة الأمنية في مواجهة أي تهديدات تستهدف أمن الوطن واستقراره. فالأردن، بتاريخه العريق وشعبه الأصيل، قادر على تجاوز التحديات مهما عظمت، والخروج منها أكثر قوة ومنعة. ولكن ذلك يتطلب وعياً ويقظة وحذراً، وإدراكاً لأبعاد المرحلة الراهنة وتحدياتها.