أيها "الثوار" المزيفون، كفّوا عن المتاجرة بدم الشهداء! غزة ليست ذريعة لتعطيل حياتنا، وليست مبررًا لضرب اقتصادنا. نعم، كلنا مع غزة، وكلنا قلوبنا تنزف لأجلها، لكن دعمها الحقيقي ليس بالتخريب والتعطيل. هل ظننتم أن إغلاق محالّنا وإيقاف مصالحنا سيحرر فلسطين؟ أم أنكم ببساطة وجدتم في مأساة غزة فرصة لتفريغ سمومكم وأجنداتكم الخبيثة؟
لا يختلف اثنان على أن الحكومة الأردنية، وعلى رأسها الملك، لم يدّخرا جهدًا في دعم قضية فلسطين، موقفًا وقولًا وفعلًا.
فلماذا هذا النشاز؟ لماذا هذا الإصرار على ليّ ذراع الوطن في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الوحدة والتماسك؟ ألم يكفنا ما يحيط بنا من فتن ومؤامرات؟
أيها "المجاهدون" من وراء الكيبوردات، كفّوا عن التنظير الفارغ! الجهاد الحقيقي ليس شلّ حركة بلدكم، وليس قطع أرزاق إخوانكم.
الجهاد الحقيقي هناك، على حدود رفح، في ساحات الوغى، وليس في ساحات المدن الآمنة.
إن كنتم صادقين في دعواتكم، فلتتفضلوا بالنزول إلى الميدان، ولتحملوا سلاحكم بدلًا من شعاراتكم الرنانة.
أما أن تختبئوا خلف شاشاتكم وتدمروا وطنكم باسم "المقاومة"، فهذا قمة النفاق والانتهازية.
غزة تحتاج مواقف عربية قوية، نعم، لكنها تحتاج أيضًا إلى أوطان عربية قوية ومستقرة.
لا تظنوا أنكم بخنق بلدكم تخدمون قضية فلسطين، بل أنتم بذلك تزيدون الطين بلة، وتضعفون ظهر السند الذي ما زال يقف معكم.
يوم واحد من تعطيل الحياة، يوم واحد من خسارة الأرزاق، قد يبدو لكم هينًا، لكنه يترك جرحًا غائرًا في جسد الوطن، ويمنح أعداءنا فرصة للشماتة والتربص.
كفانا مزايدات، وكفانا شعارات جوفاء! لنكن سندًا لغزة بوعينا، بمساعداتنا، بتبرعاتنا، بدعائنا، وبكل ما نستطيع فعله دون أن نضر بوطننا ونسحق لقمة عيشنا.
فالوطن أولًا، ثم الوطن ثانيًا، ثم الوطن ثالثًا، وغزة في القلب دائمًا، لكن ليس على حساب استقرارنا وأمننا. فليخرس كل صوت نشاز يريد بنا وبوطننا سوءًا، وليعمل كل منا بجد وإخلاص ليبقى الأردن شامخًا عصيًا على كل عابث ومخرّب.