في كل مرة يذكر فيها يوم الكرامة، لا يكون مجرد ذكرى، بل صوت الأجداد الذي لا يزال يتردد في وجدان الأحفاد، وحكاية أردنية لم تكتب بالحبر، بل كتبت بدماء الشرف والمجد. الكرامة لم تكن مجرد معركة، بل كانت نبوءة أردنية، تثبت أن هذا الوطن وإن ضاقت عليه المساحات، فإن عزيمته أوسع من السماء وأقوى من الحديد.
الدم الذي لم يجفّ.. والإرث الذي لم يُمحَ
نقل الأجداد للأحفاد سرّ الكرامة، ليس كحدث تاريخي، بل كدين في رقابهم، وكهوية لا يمكن التخلي عنها. في صباح 21 آذار 1968، لم يكن جندي الجيش العربي الأردني يدافع فقط عن التراب، بل كان يحرس التاريخ، ويحمي الشرف، ويكتب للأجيال القادمة درسًا في العزيمة. لم يكن هناك خيار آخر، إما الكرامة أو الفناء، فكان الأردن صانع النصر، وصانع المجد، وصانع المستقبل.
الهاشميون.. من الكرامة إلى اليوم.. إرث لا يزول
لم يكن الملك الحسين بن طلال مجرد قائد في المعركة، بل كان مهندس الإرادة، الرجل الذي لم يسمح للهزيمة أن تسكن القلوب، ولم يقبل أن يُكتب التاريخ بغير حبر العزة. واليوم، يحمل الراية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، ليس كخيار، بل كواجب مقدس، لأن الكرامة لم تنتهِ، بل تحولت إلى نهجٍ هاشميّ، إلى استراتيجية بقاء، إلى عقيدة عنوانها الأردن أولًا وأبدًا.
صوت الرصاص لم يسكت.. لكنه صار مشروع دولة
حين أطلق الأجداد رصاص الكرامة، لم يكن مجرد ردّ على العدوان، بل كان رسالة مفتوحة إلى المستقبل، إلى كل أردني لم يولد بعد، تقول له:
"هذا الوطن لا يُشترى، ولا يُساوَم عليه، ولا يُؤخذ إلا على أجسادنا”.
واليوم، لم يعد الرصاص هو الصوت الوحيد، بل أصبحت التنمية، القوة، العزم، الصمود، والاستمرار هي امتداد تلك الطلقات. الملك عبد الله الثاني لم يرث العرش فقط، بل ورث مسؤولية التاريخ، وحمل الأردن في قلبه، تمامًا كما حمله الحسين يوم الكرامة، وعبد الله الأول يوم التأسيس.
الكرامة ليست يومًا.. الكرامة أسلوب حياة
الأحفاد اليوم لا يحملون البنادق، لكنهم يحملون رسالة أجدادهم، يحملون اقتصادًا ينهض رغم التحديات، أمنًا يواجه كل من تسوّل له نفسه المساس بالأردن، واستمرارًا في مسيرة البناء رغم كل الظروف. لأن المعركة لم تنتهِ، بل تغيرت ميادينها، وأصبح الصمود الأردني ليس فقط على الجبهات، بل في كل مصنع، في كل مدرسة، في كل مشروع، وفي كل خطوة يقودها الملك عبد الله الثاني نحو مستقبلٍ يصنعه الأردنيون بإرادة لا تهزم.
21 آذار لم يكن يومًا عابرًا، بل كان بداية عهدٍ لا ينتهي.. عهدٌ بأن تبقى الكرامة عنوان الأردن، وعنوان الهاشميين، وعنوان كل من حمل في قلبه هذا الوطن العظيم.