منذ نشأته، كان الأردن حاضرًا في قلب القضايا العربية، متجاوزًا حجمه الجغرافي وموارده المحدودة ليصبح نموذجًا فريدًا للدولة التي تكرس إمكانياتها لخدمة الأمة العربية، وفي ظل أزمات متلاحقة عصفت بالمنطقة، ظل الأردن نقطة ارتكاز ثابتة، يعمل على تعزيز التضامن العربي ودعم قضايا الأمة، ما يجعله رمزًا للعطاء والانتماء العربي.
القدس والقضية الفلسطينية: التزام لا يتزعزع
يحتل الأردن موقعًا محوريًا في الدفاع عن القضية الفلسطينية، التي تعد القضية المركزية للعرب. ومنذ توقيع اتفاقية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، أصبح الأردن في الصفوف الأولى للحفاظ على هوية المدينة المقدسة والتصدي لمحاولات تغيير معالمها.
قدم الأردن دعمًا دبلوماسيًا قويًا للفلسطينيين في المحافل الدولية، وسعى جاهدًا لتعزيز حل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق السلام، كما كان له دور إنساني بارز في استقبال الفلسطينيين الذين شُرّدوا بسبب الاحتلال، حيث أصبحت المملكة وطنًا ثانيًا لهم، وأثبتت التزامها بدعم حقوقهم المشروعة على مدار العقود.
مواقف إنسانية رائدة: من اللاجئين إلى الأزمات
لطالما كان الأردن ملاذًا آمنًا للاجئين الفارين من النزاعات في المنطقة، سواء كانوا فلسطينيين، سوريين، عراقيين أو يمنيين، فالمملكة استقبلت أكثر من مليون لاجئ سوري خلال الحرب الأهلية في سوريا، رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها.
في سياق إنساني أكبر، عمل الأردن على تقديم المساعدات الطبية والإغاثية في أوقات الأزمات، وساهم في إنشاء المستشفيات الميدانية في مناطق النزاع، من غزة إلى العراق واليمن، هذا الموقف الإنساني العابر للحدود يعكس رؤية أردنية متأصلة ترى في العروبة مسؤولية جماعية تتجاوز المصالح الذاتية.
العمل السياسي والدبلوماسي: جسر للتفاهم العربي
على مدار العقود، لعب الأردن دورًا رئيسيًا في تقريب وجهات النظر بين الدول العربية، وخاصة في أوقات الانقسامات الحادة، كان وسيطًا نزيهًا يسعى لإيجاد حلول توافقية تعزز الاستقرار الإقليمي.
عبر الجامعة العربية، كان للأردن إسهامات واضحة في دعم المبادرات التي تعزز التعاون العربي، سواء في مجالات الأمن أو الاقتصاد أو التعليم، كما احتضنت المملكة مؤتمرات عربية محورية، آخرها القمم الاقتصادية والسياسية التي بحثت تعزيز التكامل العربي في مواجهة التحديات الدولية.
الأردن والتنمية العربية المشتركة
في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية، قدم الأردن خبراته لمساعدة الدول العربية، خاصة الأقل حظًا منها، الجامعات الأردنية أصبحت مقصدًا للطلاب العرب من مختلف الجنسيات، وساهمت في تخريج أجيال قادرة على المساهمة في نهضة أوطانها.
أما على صعيد الصحة، فقد أثبت الأردن تفوقه في القطاع الطبي، حيث استقبل المرضى من مختلف أنحاء العالم العربي لتلقي العلاج، وشارك كوادره الطبية في مبادرات إقليمية للتخفيف من معاناة الشعوب العربية في المناطق المتضررة.
الجيش العربي الأردني: درع الأمة
يشكل الجيش الأردني أحد أبرز مظاهر عطاء المملكة للأمة العربية، حيث شارك في الدفاع عن القضايا العربية في فلسطين وسوريا والجولان منذ تأسيسه، كما شاركت القوات المسلحة الأردنية في مهمات حفظ السلام في مناطق عدة، تأكيدًا على التزام المملكة بأمن واستقرار العالم العربي والعالم.
ختامًا.. الأردن في قلب العروبة
الأردن لم يكن يومًا دولة منعزلة عن محيطها، بل اختار طريق الانفتاح والعطاء رغم موارده المحدودة، ساهمت المملكة في تشكيل هوية العمل العربي المشترك، واستطاعت أن تجمع بين الالتزام السياسي، والدعم الإنساني، والتعاون التنموي في نهج فريد جعلها نموذجًا يحتذى به.
ويبقى الأردن، رغم التحديات، صوتًا عاقلًا في زمن الأزمات، يسعى لوحدة الصف العربي وتعزيز القيم المشتركة التي تجمع بين شعوب الأمة، هذا الدور ليس مجرد اختيار سياسي، بل هو جزء أصيل من هوية الأردن ودوره التاريخي كركيزة للاستقرار والعطاء العربي.