2025-12-15 - الإثنين
00:00:00

آراء و مقالات

سمير الرفاعي يكتب : الأردن وقد اختار طريقه؛ بناء المستقبل بأدوات المستقبل

{clean_title}
صوت عمان :  

بقلم رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي

دعا جلالة الملك، ومنذ توليه سلطاته الدستورية، لأردن ديمقراطي يشارك أبناؤه بشكل مباشر في عملية صنع القرار، وعدم احتكار القرار السياسي لفئة على حساب أخرى من القوى السياسية أو الاجتماعية، وتوسعة قاعدة المشاركة الشعبية. وذلك من إيمان جلالته المطلق بأن السبيل الأمثل لإيصال صوت الأردنيين والأردنيات وحمل همومهم وقضاياهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ هو من خلال أحزاب برامجية تقوم بهذا الدور في البرلمان. 
وبرؤية استشرافية للوصل لهذا الهدف، أطلق جلالته العديد من المبادرات لتعزيز الحريات والمشاركة السياسية رغم كل التحديات التي كانت وما زالت توجه المنطقة. ولم يقبل بالتسويف ولا بالتباطؤ ولا بالذرائع التي كانت تطرح هنا وهناك، فاستمر الأردن قُدماً في خطوات ثابتة في مسيرة التحديث السياسي. وأوضح جلالة الملك مرارا وتكرارا خلال لقاءاته المباشرة وتوجيهاته السامية، وأيضا عبر أوراقه النقاشية، رؤيته لبناء نظام سياسي ديموقراطي ينتهج الشفافية ويعتمد بشكل أساسي على تعزيز وتعميق الحياة الحزبية كسبيل وحيد للمشاركة الأوسع وضرورة إجراء إصلاحات تشريعية تضمن ذلك.
وفي مستهل المئوية الجديدة للمملكة، قبل ثلاثة أعوام، أمر جلالة الملك بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. وبثقته بشعبه ومكوناته السياسية كلف هذه اللجنة التي كانت الأكبر من حيث العدد في تاريخ المملكة، وضمت جميع الأطياف السياسية، أن تقدم مسودة مشروع قانون للانتخاب ومسودة مشروع قانون للأحزاب وتعديلات دستورية تتماشى مع هذه التعديلات. وأمر جلالته بأن تخرج هذه اللجنة بتوافق جميع ممثلي القوى والتيارات الفكرية والسياسية المختلفة فيها، لتكون حجر الزاوية لبناء المستقبل الواعد السياسي لأبناء الوطن. وقد ضمن جلالته مخرجات اللجنة عند تشكيلها وأمر بعدم التدخل بها. وقد حصنت مشاريع قوانين الانتخاب والأحزاب والتي شهدت تغييرات عديدة في السابق بأن تعامل معاملة تعديل الدستور، أي أنها بحاجة إلى ثلثي مجلس النواب وليس كباقي القوانين التي بحاجة إلى الأغلبية البرلمانية لتعديلها. 
وعليه؛ أصبح لدينا قانون أحزاب وقانون انتخاب وتعديلات دستورية، بحصانة كاملة، وبما يخصص 30% من المقاعد البرلمانية للأحزاب السياسية، مع زيادة هذه النسبة إلى 50% في المجلس اللاحق، والوصول الى 65% في المجلس الذي يليه كحد أدنى. ويسمح هذا النهج المرحلي بالنضج التدريجي للثقافة الحزبية، ويترجم حرص جلالة الملك على التحديث التوافقي، المدروس والمستدام.
واليوم، ينبغي التأكيد، على أن أهداف العملية الانتخابية لا يجوز أن تتمحور على الفوز بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية، فحسب؛ ولكن، أيضاً، أن تكون هذه الأحزاب قادرة على استقطاب الأردنيين على أساس تقديم برامج واقعية غير شعبوية وقابلة للتحقيق، بعيداً عن فلسفة تدوير الزعامات و"أحزاب الأشخاص"، وبحيث تكون هذه البرامج؛ إما مكملة لبرامج السلطة التنفيذية أو منافسة لها، وبما يمهّد لاستلهام تجربة "حكومات الظل"، في الديموقراطيات العريقة، وتعزيز الضوابط والتوازنات اللازمة للوصول إلى نموذج متطور من الحياة السياسية يحاكي تطلعات الأردنيين وطموحاتهم. ومن الضروري أن تكون هذه البرامج هي عنوان الحزب، وهي الدافع للانتساب إليه، والعمل على تحقيق أهدافه، وليس اسم أمينه العام ولا مؤسسيه، لضمان ديمومة العمل الحزبي البرامجي والوصول تلقائيا لعدد أقل من الأحزاب السياسية، تمثّل بوضوح، تيارات اليمين واليسار والوسط. 
إن أول ممارسة ديموقراطية في العملية الديموقراطية هي داخل الحزب نفسه، وبطريقة إفراز قياداته بشفافية وبأغلبية؛ لا بقدرته المالية ولا بمقدرته على جمع الأصوات على حساب القناعات والالتزام بالبرنامج.
وجديرٌ بالأحزاب أن تعمل بشفافية تامة عند إعداد قوائمها الوطنية، وأن يكون معيارها الرئيس، هو مدى قدرة ممثلي هذه القوائم على ترجمة الرؤى والبرامج التي يعد بها الحزب ناخبيه، وأن تكون اختيارات القوائم بناء على إيمان أعضائها ببرامج الحزب وأهدافه، لا أن تكون تجميعية، تؤدي تالياً، إلى تشكيل كتل برلمانية غير مستقرة، ولا ملتزمة برؤية واضحة. 
ومن المهم، هنا، الانتباه إلى حقيقة؛ أن نجاح مشروع التحديث السياسي، والتحول إلى البرلمانات البرامجية الحزبية، لا يقاس، ولا يجوز أن يحكم على نجاحه، من زاوية عدد الأحزاب الموجودة على الساحة، أو حجم أعضائها (علماً بأن الذين سجلوا في الأحزاب حتى هذا الوقت حوالي 86 ألف أردني وأردنية، وهو رقم مشجع). وقد رأينا في العديد من الدول المتقدمة ديموقراطياً، أن عضوية الأحزاب تشكّل نحو 2-4٪ فقط من الناخبين. ولكنها، ومع ذلك؛ تمتلك حضوراً كبيراً ومقنعاً، بحيث تستند إلى برامج تعبّر عن الهيئة الانتخابية الشعبية الواسعة، وليس فقط عن قواعدها الحزبية المنتظمة. وتحقق، بالتالي، التمثيل في البرلمان على أساس هذه البرامج. 
إن الانتخابات القادمة تشكل مفصلا مهما في مسيرة التحديث السياسي، إلا أنه من الضروري أن ندرك جميعا، مواطنين وحزبيين وطامحين، بأن هذه هي المرحلة الأولى من عملية مستمرة تتبع نهجا متدرجا تراكميا، تبني كل مرحلة فيه على ما تحقق في المرحلة التي سبقتها، وصولا إلى ثقافة حزبية متجذرة تقوم على أسس المشاركة والتمثيل الشامل المستند إلى قواعد شعبية صلبة، حتى لا تتحول العملية إلى سباق على احتلال مواقع متقدمة بوعود آنية غير ممكنة التنفيذ. 
وبطبيعة الحال، ستشكل هذه المرحلة فرصة للأحزاب المختلفة لإبراز التباين بين مواقفها وتوجهاتها بشكل أوضح مع انخراط الأحزاب في الحياة السياسية والبرلمانية، وستكون الفرصة متاحة أمام الأحزاب للعمل على ترجمة برامجها على أرض الواقع لننتقل من مرحلة الشعارات إلى النتائج، مما سيسهل الوصول إلى الشكل المأمول للمنظومة السياسية في محصلة المسار.
إن ما تحقق من إنجازات تشريعية وبيئة حزبية وتفاعل شعبي، واستعداد لخوض غمار تجربة برلمانية، وبقواعد وأدوات مختلفة وحداثية وأكثر تطوراً، هو، ممّا يبعث على الفخر والأمل معاً، وصولاً إلى برلمان قوي وكفؤ، يتوازن مع السلطة التنفيذية، ويمارس مهامه بالرقابة النزيهة والمنهجية، وبالتشريع العصري المنسجم مع تطورات العصر، ويمثل بيئة إيجابية وحاضنة للحوار الوطني العام، وتلاقي الآراء والاتجاهات والتباينات السياسية والفكرية، على قاعدة من احترام حق الاختلاف، والقبول بالآليات الديموقراطية لاتخاذ القرار وصناعة السياسات. 
 وبطبيعة الحال، فإن تحقيق هذه الغايات، لا يعتمد فقط على القوانين الجديدة، والبنية التشريعية الحديثة، مهما كانت؛ بل أيضا على المشاركة الفعالة للأردنيين في العملية السياسية، كحق وكواجب، والتمسك بنهج تحديث الدولة وتجديد الحياة السياسية، واستثمار هذه الفرصة الثمينة لرسم ملامح مستقبل أكثر إشراقا ومشاركة أوسع للجميع. 
وبإذن الله تعالى، فإننا ومن خلال مسار التحديث السياسي الذي نشهده اليوم، وبالتوازي مع مسار الإصلاح الاقتصادي الذي يجب التركيز عليه، وبالعودة إلى إدارة عامة كفؤة، والتأكيد على البرامج الحزبية، وبالابتعاد التامّ عن الفئوية والجهوية، وكل الاعتبارات الضيقة أو الآنية؛ نكون جميعا قد استجبنا لرؤية القائد وطموح وتطلعات الأردن وأجياله القادمة.
ثقة جلالة الملك وإيمانه المطلق في التحديث يمثلان فرصة يجب علينا جميعا اغتنامها لإحداث تغيير حقيقي حلم فيه الكثير من الأردنيين، وهذا سيتطلب عدة سنوات. ولكن حجر الزاوية اليوم، في إحداث نقلة نوعية هو ثابت، وعلينا نحن البناء عليه. لنؤمن كما اّمن جلالة الملك أن الطريق إلى أردن ديموقراطي ليس له سوى مسار واحد وهو توسيع قاعدة المشاركة، وأن يشعر كل أردني وأردنية بأنه جزء من صنع القرار الذي سيكون له تأثير مباشر عليهم وبالتأكيد على الأجيال القادمة. 
على الجميع، وبالأخص الشباب والشابات، أن ينخرطوا بالعملية السياسية ويعوا بأنهم هم الكتلة الأكثر تأثيرا ويعلوا بنيان الوطن الذي شيده الآباء والأجداد لأن مسؤوليتهم كبيرة أمام وطنهم وأمام جلالة الملك وولي عهده، وكل هذا العمل يتوج بأصوات الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم لبرامج تحاكي تطلعاتهم وأمانيهم. وأول خطوة ستكون بدايتها في صندوق الاقتراع يوم 10 أيلول 2024، بعون الله وتوفيقه.

دودين طلب وأبوالبصل أعطى... حضور رسمي ووطني في جاهة ابو عوض والقاسم - صور حسان يوجه بتحويل المقصرين والمخالفين بقضية الشموسة للادعاء العام وفاة رجلي أمن بحادث سير أثناء عودتهما من مركز حدود جابر كارثة المدافئ تكشف عجز منظومة الرقابة والتفتيش النائب احمد الشديفات عشرة أرواح في أقل من 24 ساعة… من يحاسب على مدفأة الموت؟ سلامي قبل موقعة السعودية: الغيابات مؤثرة لكن طموح النشامى بلوغ النهائي لا يتغيّر رئيس جامعة البترا يبحث سبل التعاون الأكاديمي مع وفد كلية "إدموندز" رينارد: جاهزون لمواجهة الأردن وهدفنا النهائي.. ويشيد بجمال سلامي الملك يطلع على خطة الحكومة لتطوير المرحلة الأولى من مشروع مدينة عمرة الجمارك تضبط 25 ألف حبة مخدر و50 غراماً من مادة الكريستال سفيران جديدان يؤديان اليمين القانونية أمام الملك الملك يلتقي فريق الجناح الأردني في إكسبو 2025 أوساكا قرارات مجلس الوزراء اتحاد كرة القدم يعلن أسعار تذاكر مباريات النشامى بكأس العالم حين يشتد ظلّ الخطر… تشرق حكمة القيادة وتنهض المخابرات درعاً لا ينكسر مدير عام الضريبة: الحكومة تبنت عدم فرض أي ضرائب القضاء يلزم مريضي سرطان بحفظ سور من القرآن كعقوبة بديلة النشامى ينهي تحضيراته لمواجهة السعودية بنصف نهائي كأس العرب السردية الوطنية الأردنية: التاريخ الذي لا يُختزل