اتفق العراق وتركيا وقطر والامارات على اطلاق مشروع "طريق التنمية " والذي يربط آسيا بأوروبا من خلال موانئ الخليج العربي ومن ثم عبر ميناء الفاو العراقي وبعدها عبر سكك حديدية وطرق برية لتصل الموانئ التركية ومن ثم إلى أوروبا والعالم وبالعكس .
هذا الطريق الذي ستتجاوز كلفته ١٧ مليار دولار وستنتهي المرحلة الأولى منه في ٢٠٢٨ وسيشغل اكثر من مئة الف عامل في هذه المرحلة والتي تضم توسيع لميناء الفاو ليصبح اكبر موانئ الشرق الأوسط وكذلك انشاء سكك حديدية وطرق برية وخطوط لنقل الطاقة والاتصالات وسيكون لهذا المشروع أهمية كبرى في تعزيز التجارة الدولية وتسهيل عمليات النقل والشحن ورفع معدلات النمو وتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول المشاركة في المشروع .
يشكل هذا المشروع ضربة موجعة للمر الاقتصادي الذي تم الإعلان عنه العام الماضي في قمة العشرين والذي سيربط الهند بأوروبا عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل والذي على ما يبدو وفي ضوء الاحداث الجارية في المنطقة لن يرى النور وبالتالي سيكون طريق التنمية الجديد البديل الحقيقي والأكثر آمناً لربط آسيا بأوروبا بعيداً عن البحر الأحمر والتهديدات الأمنية المستمرة عند باب المندب وكذلك يشكل طريق التنمية منافساً قوياً لقناة السويس وامتدداً واضحاً لطريق التجارة والحرير الذي تقوده الصين إلى باقي دول العالم .
تركيا أعلنت منذ البداية انه لن يكون هناك طريق لربط اسيا بأوروبا بدونها وهذا ما فعله الرئيس التركي اردوغان في زيارته التاريخية لبغداد بالأمس والتي تم التوقيع على ٢٤ مذكرة تفاهم بين البلدين ابرزها اتفاق إطار استراتيجي وملف المياه و طريق التنمية ورفع حجم التبادل التجاري إلى ٢٠ مليار دولار سنوياً بين البلدين .
الاحداث الجارية في المنطقة فرضت واقعاً جديداً على دول المنطقة والعالم وبدأت الدول الكبرى في الإقليم مثل تركيا وايران ومن خلال نفوذهم السياسي والاقتصادي بعقد تحالفات دولية جديدة سيكون لها اثر إيجابي كبير على اقتصاديات الدول المشاركة في تلك التحالفات وزيادة رقعة نفوذها السياسي والاقتصادي في المنطقة .
تتداعيات سلبية ستلحق باقتصادنا الوطني نتيجة هذا المشروع وخاصة على ميناء العقبة وقطاعات النقل والتخليص من حيث تحول عمليات الشحن والنقل والتجارة للسوق العراقي لتصبح عبر ميناء الفاو ومن خلال مشروع طريق التنمية وسيؤثر على تجارة الترانزيت من الخليج العربي إلى تركيا و أوروبا عبر الأردن وبالتالي ستنعكس سلباً على قطاعات اقتصادية عديدة وهذا بدوره سيؤثر على أداء الاقتصاد الكلي لدينا وعلينا سريعا ان نعيد سياسة تحالفاتنا في المنطقة والدخول في اتفاقيات تجارية واقتصادية جديدة وتبسيط الإجراءات الحكومية وتخفيض الرسوم والضرائب وتعديل جميع الأنظمة والتشريعات المتعلقة بالاستثمار والتجارة والنقل لنستطيع منافسة تلك التحالفات والمحافظة على الاستثمارات القائمة وتعزيز اقتصادنا الوطني قبل فوات الأوان.
منير دية
خبير اقتصادي