أنا كبيرة بس بدي عيدية،جملةٌ قد تبدو غريبةً للبعض، فكيف لشابةٍ أو امرأةٍ بالغةٍ أن تطلب العيدية؟ لكنّ الحقيقة أنّ هذه الرغبة ليست غريبةً أو غير طبيعية، بل هي تعبيرٌ عن مشاعرَ دفينةٍ في النفس البشرية، فيقال مهما كبرنا في السنّ، تبقى فينا مشاعرُ الطفولةِ ورغباتُها، ومن أهمّها رغبةُ تلقيِ العيدية ،فالعيديةُ رمزٌ للحبّ والاهتمام، وهي تُشعرُنا بالسعادةِ والبهجةِ، وتُعيدُ إلينا ذكرياتِ الطفولةِ الجميلة.
يعتقد الكثيرون أن العيديات مخصصة للأطفال فقط، لكن ماذا عن الكبار؟ ماذا عن مشاعرهم ورغبتهم في
الشعور بالسعادة والفرح في الأعياد؟
قد تشعر بعض النساء الكبيرات بالحرمان من العيديات، خاصة إذا كنّ غير متزوجات أو مطلقات أو أرامل، ففي مجتمعاتنا، غالباً ما يتم ربط العيديات بالزواج والأطفال، مما يُشعر الكبار غير المتزوجين بالتهميش.
تلعب العيدية دورًا هامًا في الجانب النفسي للأطفال والكبار على حدٍ سواء، فتُعدّ بمثابة مكافأة تُعزّز الشعور بالسعادة والفرح، خاصةً لدى الأطفال، ممّا يُضفي على العيد أجواءً مبهجة،وتُعزّز العيدية الروابط الاجتماعية بين أفراد العائلة والأصدقاء، وتُعدّ العيدية للكبار لفتة طيبة تُعبّر عن المشاعر الإيجابية والتقدير والحب والاهتمام ،وإن كان الأثر المادي للعيدية قد يقلّ مع تقدّم العمر إلا أنّ أثرها النفسي يبقى إيجابياً ودافئاً، ممّا يُساهم في تعزيز سعادة الكبار ورفاهيتهم ،حيث تُتيح فرصة تبادل الهدايا، والتعبير من قبل الأبناء أو الأقارب عن تقديرهم واهتمامهم بكبار السن، وقد تُمثّل العيدية مساعدة مادية لكبار السن، خاصةً إذا كانوا يعانون من ضيق في الحال.
وتُساعد العيدية على تنمية شعور الطفل بالامتنان لما يملك، ممّا يُعزّز السعادة والرضا في حياته،وتُتيح العيدية للطفل فرصة تعلّم مهارات إدارة المال، مثل التخطيط والإدخار واتخاذ القرارات المالية، وتعلم قيم إيجابية مثل الكرم والمشاركة والتبرع وصلة الرحم،ممّا يُفيده في حياته المستقبلية.
العيديةُ ليست مجردَ مالٍ، بل هي تعبيرٌ عن التقديرِ والعرفان،فعندما تُعطى العيديةُ لشخصٍ كبيرٍ، فهذا يعني أنّك تقدّرُهُ وتُحترمُهُ، وأنّك تُريدُ أن تُشاركَهُ فرحةَ العيد،والعيديةُ تُشعرُنا بالانتماءِ إلى العائلةِ والمجتمعِ، فعندما نتلقّى العيديةَ من أهلنا وأصدقائنا، نشعرُ بأنّنا جزءٌ من هذا المجتمعِ، وأنّنا ننتمي إليهِ
يُعد العيد من أهم المناسبات الدينية التي تُجمع العائلة والأصدقاء، وتُتيح فرصةً ذهبيةً لصلة الرحم ،فهي واجبٌ دينيٌ،وقطيعةُ الرَّحِمِ من الكبائرِ بالإجماع، وَلِلعيدِ دورٌ كبيرٌ في تَعزيزِها ونشرِ مشاعرِ السعادةِ والبهجةِ بينَ الناسِ وتُخفّف من مشاعر الوحدة والاكتئاب..
قال رسول الله ﷺ :"مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ فلْيَصِلْ رَحِمَه" فصلة الرحم من وصايا الرسول فلنحرص عليها ولنبادر بفعلها لكسب الأجر من الله تعالى، وصلة الرحم من أسباب بسط الرزق وإطالة العمر لحديثِ أنسِ بنِ مالكٍ في الصَّحِيحَينِ:"مَن أحَبَّ أن يُبسَطَ لهُ فِي رِزقِهِ وأن يُنسَأَ لَهُ فِي أثَرِهِ فَليَصِل رَحمهُ"والنَّسيئةُ في الأَثَرِ طولُ العُمُر .
فيُعد العيد فرصة ذهبية مميزة لِلَقَاءِ الأهل والأحبة والأصدقاء وتجديد العلاقات، ونسيان الخلافات، وفتح صفحة جديدة ،وتقوية أواصرِ القُرْبَى، حيثُ تُزَهرُ مشاعرُ السعادةِ والبهجةِ في نفوسِ الجميعِ ، فَالعيدُ فرصة ايضاً للتَسَامَحْ معَ منْ أساءَ إليكَ والعفو عن بعضنا البعض، ونسيان أيّ خلافات أو مشاحنات.