لطالما شكلت الأجندات الاقتصادية للأحزاب السياسية موضوعًا محوريًا في النقاشات العامة، خصوصًا في الأردن، حيث يعبر المواطنون عن رغبتهم المتزايدة في تحسين ظروفهم المعيشية والانتقال نحو مزيد من الازدهار الاقتصادي.
وعلى الرغم من الأهمية القصوى لهذه المسائل، يبدو أن هناك فجوة متنامية بين تطلعات الجمهور والتدابير التي تتخذها الأحزاب السياسية والحكومات المتعاقبة، حيث يتجلى هذا الانفصال في ضعف الثقة المستمر بالمؤسسات السياسية، اذ يرى كثيرون أن الأحزاب لا تزال تسير على نفس المسار دون إحداث تغييرات جوهرية تلبي الحاجات الملحة للسكان.
الصعوبات المعيشية التي يواجهها المواطنون في الأردن تتطلب بالضرورة خطط عمل واقعية وملموسة، تتجاوز الوعود الانتخابية والشعارات الرنانة، فالمشكلة تكمن في أن العديد من الأحزاب تعتمد نهجًا تقليديًا في عملها، مركزة بشكل أساسي على الفوز في الانتخابات والمشاركة في العمل البرلماني، بينما تغيب عنها الرؤية الطويلة الأمد لتحسين الوضع الاقتصادي العام.
هذا النهج يعكس عدم القدرة على معالجة المخاوف الأساسية للمواطنين، الذين يشعرون بأن اهتماماتهم وحاجاتهم ليست في صلب اهتمامات الأحزاب السياسية، ولتجاوز هذه الفجوة، ينبغي للأحزاب السياسية في الأردن إعادة تقييم أولوياتها وطرق عملها، ومن الضروري التحول نحو نموذج يعتمد على الشفافية، الحوار المستمر مع المواطنين، والاستجابة لمطالبهم بخطط عملية تتضمن حلولًا مبتكرة ومستدامة للتحديات الاقتصادية، حيث يتطلب ذلك التزامًا حقيقيًا بتحقيق التنمية الاقتصادية -والاجتماعية، وليس فقط السعي وراء المكاسب السياسية قصيرة الأمد.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الأحزاب العمل بشكل وثيق مع مختلف الجهات الفاعلة في المجتمع، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية، القطاع الخاص، والخبراء الاقتصاديين، لتطوير وتنفيذ سياسات تعزز النمو الاقتصادي وتخلق فرص عمل، مع الحرص في الوقت نفسه على الحد من التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وفقط من خلال مثل هذا التعاون المتعدد الأطراف والتزام طويل الأمد، يمكن تحقيق تقدم ملموس نحو ازدهار اقتصادي يشمل الجميع ويعيد بناء الثقة بين المواطنين والأحزاب السياسية.
وفي النهاية، الطريق نحو تحسين الأوضاع المعيشية وتحقيق الازدهار الاقتصادي في الأردن يتطلب من الأحزاب السياسية العمل بمسؤولية وتجديد نهجها بما يخدم مصلحة الشعب، ومن خلال التركيز على الحلول العملية والشراكات الاستراتيجية، يمكن للأحزاب أن تلعب دورًا حاسمًا في توجيه البلاد نحو مستقبل أكثر ازدهارًا وعدالة.