2024-05-03 - الجمعة
00:00:00

آراء و مقالات

اتفاق بشروط فلسطينية

{clean_title}
صوت عمان :  


بعد اكثر من ١٢٠ يوماً على العدوان الغاشم على قطاع غزة لم تستطع إسرائيل خلال هذه المدة تحقيق اياً من أهدافها المعلنة سوى قتل وجرح اكثر من مئة الف فلسطيني اغلبهم من النساء والأطفال وتدميرعشرات الالاف من المنازل والمدارس والمستشفيات ورغم كل تلك المجازر والجرائم التي لم يشهد العصر الحديث مثيلاً لها بقيت المقاومة الفلسطينية تدافع عن قطاع غزة بكل ما تستطيع من إمكانات وقدرات في صمود أسطوري امام ترسانة الأسلحة الإسرائيلية المدعومة من معظم الدول الغربية.

الوقت لم يكن في صالح الجانب الإسرائيلي الذي تعرض للمحاكمة في العدل الدولية لأول مرة في التاريخ وانقلب الرأي العام العالمي ليصبح مؤيداً لحقوق الشعب الفلسطيني بعد اكثر من ثمانين عاماً والمطالبة بضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة وبدأ العالم يعي حقيقة المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي وانتشرت صور قتل الأطفال والنساء و انتشرت في كل وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والقنوات العالمية مشاهد الدمار والمجاعة التي يعيشها سكان قطاع غزة والذي تسبب في انقسام داخل المجتمع الإسرائيلي الذي بدأ يعاني من تأثيرات الحرب وطول أمدها وانعكاساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وشعروا بأن قيادتهم السياسية غير قادرة على تحقيق أهداف الحرب.

المفاوضات من خلال الوسطاء استمرت طوال فترة العدوان وكان اخرها ما جرى في العاصمة الفرنسية باريس والذي جمع أطراف عربية وعالمية تمخض عنها اتفاق هدنة ووافق عليه الجانب الإسرائيلي وبعدها تم تقديمه لحركة حماس لمناقشته مع بقية الفصائل الفلسطينية التي اخذت وقتها كاملاً لدراسة العرض والعالم كله ينتظر الرد الفلسطيني الذي وافق بشروط على الهدنة ومن ابرز تلك الشروط انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة وبدء الإعمار والانتهاء منه خلال ٣ سنوات وإدخال اكثر من ٥٠٠ شاحنة من المساعدات يومياً وإدخال اكثر من ٦٠ الف منزل مؤقت و ٢٠٠ الف خيمة وإطلاق سراح ١٥٠٠ أسير فلسطيني من بينهم أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات وكذلك جميع الأطفال والنساء ووقف الاعتداءات على المسجد الأقصى وضمانات دولية وعربية للاتفاق وهي قطر ومصر وتركيا وروسيا .

عدم قبول المقاومة الفلسطينية للاتفاق كما هو ووضع شروط واضحة لقبوله يعني ان المقاومة الفلسطينية في مرحلة قوة وقادرة على استمرار القتال ولا تنتظر اتفاق لا يحقق جزءً من طموحات الشعب الفلسطيني الذي دفع ثمناً غالياً نتيجة هذا العدوان و بهذه الخطوة تعيد المقاومة الكرة إلى ملعب حكومة الحرب التي ستستجيب لمطالب المقاومة رغم قناعتها بان هذا الاتفاق يعني انهيارها سياسيا بعد إخفاقاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية.

منير دية

خبير اقتصادي