قال نائب رئيس الوزراء الأسبق د. جواد العناني، أنه مع تفاقم أزمات التضخم العالمية، وإن استمرت معدلاته بالارتفاع سيعقبها تراجع اقتصادي أو كساد.
وأضاف العناني لـ"صوت عمان": "لا ندري ما هي الآليات التي سيستخدمها العالم للتصدي لها، وما يجعل هذه الأزمة التي نمر بها "أزمة التضخم وارتفاع الأسعار" قضية صعبة، أنها قد تتحول من أزمة تضخم إلى ما يعرف بـ " الكساد التضخمي" بحيث يصبح هناك تأخر في النمو الاقتصادي وارتفاع في نسب البطالة ونقص في معدلات النمو وهبطوه إلى "تحت الصفر".
وصرّح العناني: إن اجتمعت هاتان الحالتان معًا سيكون علاجهما صعباً، وما هو متوقع أن يستمر، أن تتفاقم الأزمات وتصبح أكثر صعوبة وعصيةً على الحال حتى نهاية عام 2023، والتي قد تُفضي إلى أزمة أكبر من أزمة 2008 المالية، لكن لا أعتقد أن تصل في حدتها إلى كساد 1923.
وتابع: "أما فيما يشاع في أوساط معظم الاقتصاديين بشأن مستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي كما هو سائد، ستحقق معدلات نمو مرتفعة خلال الأعوام القادمة، هذا الرأي يعتمد على أنه هناك فوائض مالية واستثمارات في بعض الدول العربية، التي قد تؤدي إلى حالة نمو مع التضخم".
وأكّد العناني، إن التضخم لا يكون مصحوبًا بهدوء في الأسعار، ولكن ليس في كل الدول العربية، وإنما في بعضها إن اتجهت إلى عملية إعادة الهيكلة وبالأخص سوريا والعراق وليبيا، إن وصلت الأمور في هذه الدول إلى حالة من الهدوء، سنشهد حالة نمو مرتفعة، وهذا سيساهم أيضًا برفع معدل نمو العالم العربي ككل، أما محليًا فستكون معدلات النمو في الأردن معقولة بالإضافة إلى تونس والجزائر".
وأشار العناني إلى الأوضاع التي تعانيها بعض الدول العربية كالسودان من توتر سياسي و"بعثرة" كما وصفها، مضيفًا: "من الصعب أن نراها تحقق معدلات نمو عالية. وإن كان هناك اكتشافات بترولية كما يشاع في الصومال ف أعتقد أنهم مرشحين أن يحققوا نموًا أيضًا، ولكن برأيي معدلات النمو تعتمد بالدرجة الأولى على الظروف السياسية والثقة بأن الدول الأخرى ستساهم في تمويل المشروعات التنموية في تلك الدول، لأنها دول تستطيع بقليل من المال أن تحقق معدلات نمو مرتفعة.
وبيّن العناني أن الحل الأمثل لخروج الدول من هذه الأزمة وتجنب الكساد وتفاقم التضخم، هو أن يخرج العالم من حالة البعثرة وحالة الانقسام التي يعيشها.
وأعقب العناني، "إنني لا أرى سبيلًا آخر سوا تكاتف دول العالم للخروج بأقل الأضرار، فالإجراءات الاقتصادية لن تكون كافية على الإطلاق، لذلك بدلاً من الدخول في حروب، من الأولى أن يتم التوصل لحالة من التفاهم بين الدول، وتوفير أموال هذه الحروب من أجل السلام، والاستثمار لصالح البشر بدلًا من قتلهم وتشريدهم، وكما نرى أوروبا تتحول تدريجيًا؛ نتيجة شعورها بالضعف لدول انتخاباتها تفرز جهات محافظة، فمستقبل العلاقات الأمريكية الأوروبية معرض للإحراج والتأثر سلبًا بهذا الأمر.
ووضّح العناني: "من حيث التوقعات من الصعب أن أرى إن كان عام 2023 سيشهد تحسنًا في الاقتصاد العالمي بالقدر الذي ينقذ كثيرًا من الجائعين في العالم، ولكن إن ضمّت دول العالم أصواتها لبعضها فربما يكون هنالك حلول فعّالة".
وختم العناني كلامه حول تأثر الأردن بالتوقعات بشأن التضخم والكساد، أن الأردن دولة مفتوحة وتتأثر بما يجري حولها ، ورغم أنها تعاني من مشكلات داخلية في الاقتصاد والتطورات الاجتماعية السلبية، إلا أنها ستبقى أفضل من غيرها بكثير، وهناك فرصة أمام الأردن لكي يستفيد كثيرا من الوضع العالمي بصفته دولة هادئة ومستقرة، ويجتذب الكثير من الاستثمارات بحيث يحيى اقتصاديًا، لأن كثيرًا من الأموال في العالم ستبحث عن ملاذ آمن تستقر فيه.
مضيفاً: "لكن حتى الآن نحن لم ننجح في إيصال هذه الرسائل المطمئنة للمستثمرين سواء كانوا أردنيين أو عرب أو أجانب، وعلينا أن نأخذ هذا الموضوع في منتهى الجدية حتى نكسب وأن نبعد عن أنفسنا النتائج السلبية للتطورات العالمية والإقليمية، وأن نحتفظ لأنفسنا بحق أن نكون "واحة في صحراء التيه" التي نعيشها في العالم العربي"..