-أبو عمارة: جائحة كورونا طورت المنظومة التعليمية لمواجهة أي طارئ في المستقبل
-هنالك خلل بالمنظومة التعليمية في الأردن
-هنالك فجوة كبيرة بين المناهج الوطنية والمناهج الدولية، والمناهج الوطنية تحتاج لتغيير
-منظومة "التوجيهي" تحتاج لهدم وإعادة بناء من جديد
أحمد الضامن
يلقى التعليم اهتماماً بالغاً للأردنيين، حيث يكرسون الوقت والجهد ليحصّل أبناءهم أفضل مستوى من التعليم والتحصيل المعرفي والثقافي والعلمي.
وشهدت المنظومة التعليمية في الأردن خلال السنوات الماضية، الكثير من التغيير والتعديلات، إلا أن عملية إصلاح المنظومة التعليمية لا تزال تحتاج للمزيد من الجهود والخطوات التنفيذية من قبل القائمين، للوصول إلى الأفضل.
وتمتلك المنظومة التعليمية في الأردن أشخاص كان لهم البصمة الواضحة في التعليم سواء تعليمياً أم إدارياً، أمثال الدكتور محمد أبو عمارة، المدير العام لمدارس الرأي ومدارس كنجستون، والذي استطاع أن يسطّر بهما أساليب تعليمية، وبصمة واضحة، محطماً كافة الأبواب المغلقة، لينطلق ساعياً وراء تحقيق رؤيته بطراز مختلف عن الجميع.
"صوت عمان" ارتأى بإجراء مقابلة مع المحب لمهنته، والعصامي الذي استطاع أن يضع بصمته بتميز وانفراد، للحديث حول المنظومة التعليمية، ومرحلة التعليم عن بعد، والفوائد التي منحتها الظروف للمنظومة التعليمية والاستفادة منها.
وتالياً المقابلة..
كيف ترى المنظومة التعليمية والتربوية في الأردن؟
في البداية عند الحديث عن المنظومة التعليمية فهي ممتازة وتعتبر قدوة ومثال يحتذى بها في العالم العربي، ودول العالم، لما تقدمه للطالب من قيم وصقل للشخصية من الناحية التربوية بالدرجة الأولى.
إلا أنه في الآونة الأخيرة، أصبح هنالك بعض الخلل في تلك المنظومة من الناحية التعليمية، وبالأخص في منظومة المناهج التي تحتاج للتغيير الحقيقي، حيث أصبح الخلل واضحاً وجلياً في مخرجات التعليم.
كيف ترى مناهج التعليم بالمدارس في الأردن؟
هنالك محاولات لتطوير المناهج، إلا أنه لا يزال هنالك فجوة كبيرة بين المناهج الوطنية والمناهج الدولية.
وعلى سبيل المثال، أنا ادير مدرستين إحداهما تطبق النظام والمنهاج الوطني والأخرى تطبق النظام الدولي، ووجدت فروق كبيرة بما يتعلق بالمناهج والتسلسل في اعطاء المعلومة والمحتوى وطريقة تقديمه.
ولا أحد ينكر وجود خلل كبير في المناهج الوطنية، إلا أننا ونؤكد على امتلاكنا الفرص لتعليم الطلاب بطريقة أفضل، من خلال تطوير المناهج الوطنية، مع العلم أن هنالك محاولات للتطوير، لكن ليست بحجم التوقعات والتمنيات، حيث أن التطوير القائم على المناهج لا يزال قليل، ونطمح إلى إحداث الفرق الواضح في القريب العاجل.
برأيك ما هي أبرز نقاط ضعف المناهج الوطنية، وإلى ماذا تحتاج؟
لا نزال في العديد من المدارس التي تتبع نظام المناهج الوطنية ،طريقة التعليم القديمة، ونحن نعلم أن علم أساليب التدريس قد تطور، خاصة فيما يتعلق بطرق طرح المعلومات، وعدم الاعتماد فقط على التلقي، بل أصبح الطالب هو مركز وأساس العملية التعليمية، ودفعه لاستغلال وقته بالبحث والاختراع والتفكير وتنمية مهاراته.
فالمناهج الدولية تتبع نظام التقويم والتطوير، بعيداً عن الاعتماد فقط على الحفظ، إلا أن المناهج الوطنية عكس ذلك تماماً، والمثال على ذلك نظام "التوجيهي"، حيث أصبحت الامتحانات لا تسمن ولا تغني من جوع، كونها لا تعكس الوضع والصورة الحقيقية للطالب، وغير صحيح أن يتم تقييم الطالب ومهاراته وفكره من خلال امتحانات فقط.
فالمناهج الوطنية لا تحاكي الذكاءات المتعددة، ولا تحفز الطالب على البحث وطرح المعلومة بطريقة جيدة، ولا تعمل على تحفيز الطالب.
كما أن المناهج تفتقر أيضاً للكتب المساعدة للمعلمين،وعدم وجود دورات تعمل على تطوير أساليب التدريس للمعلمين وتقوي معرفتهم بالمناهج وأي تعديلات قد يطرأ عليها.
كيف ترى المنظومة التعليمية في المدارس الحكومية والمدارس الخاصة؟
لا شك أن هنالك مدارس حكومية مميزة جداً وتخرج أجيال لها مستقبل كبير في الوطن، إلا أنها وللانصاف تعتبر مجهودات فردية.
هنالك فرق كبير بين التعليم في المدارس الحكومية والخاصة، لأن الشروط التي تطبق على القطاع الخاص والرقابة الموجودة عليه، غير موجودة بالقطاع الحكومي، وعلى سبيل المثال أعداد الطلبة الأقصى والمسموح للمدارس الخاصة داخل الغرفة الصفية الواحدة لا يتجاوز 30 طالب، بينما في الصفوف بالقطاع الحكومة فإنه قد يصل لأكثر من 60 إلى 80 طالب في بعض المدارس.
والنقطة الثانية هي انتقاء المعلمين، حيث في القطاع الخاص عندما يتم تعيين أي معلم يخضع لعدة اختبارات لاختيار الأفضل، أما القطاع الحكومي لا يزال التعيين عن طريق ديوان الخدمة وبشكل عشوائي وقد لا يمتلك البعض أي مقومات ليكون معلم ناجح، بالإضافة إلى أن التحفيز والحوافز في القطاع الخاص، كبير، خاصة فيما يتعلق بحوافز تقدم للمعلم المبدع وتقديره سواء معنوياً أو مالياً أو بأي طريقة أخرى، أما القطاع الحكومي فهو غائب وإن وجد فهو قليل جداً.
كيف كان اثر جائحة كورونا على المنظومة التعليمية؟
في بداية الجائحة كان اثرها كارثي على التعليم، بسبب التعليم في المدارس، لا يقتصر على تقديم المعرفة فقط؛ بل هنالك أيضاً تربية وانضباط وتعليم الأدب والأخلاق وممارسة النشاط وتفريغ الطاقات للطلبة، وبالتالي انقطاع الطلبة عن المدارس كان كارثي من هذه الجوانب.
بعض المدارس استطاعت أن تعالج الجانب المعرفي فقط من خلال تطوير منظومتها الالكترونية، حيث المدارس الخاصة نجحت في ذلك نجاحاً باهراً ، واستطاع القطاع الخاص أن ينجح بهذه المهمة خلال فترة كورونا، أما القطاع الحكومي لم يحقق النجاح المطلوب منه.
كيف كانت تجربة التعلم عن بعد؟ وماذا استفدنا منها؟
جائحة كورونا عملت على تطوير المنظومة التعليمية بشكل واسع، حيث كنا سابقاً لا نعتمد كثيراً على التعليم الالكتروني اطلاقاً، والآن أصبح وارد ، ناهيك عن قيامها بتطوير مهارات المعلمين في التعامل مع التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، فالجائحة طورت المنظومة التعليمية لمواجهة أي طارئ "لا سمح الله" في المستقبل.
كيف تعمل المدارس على الموائمة بين المناهج الدولية ومادة الثقافة الإسلامية بشكل خاص؟
لا يوجد تعارض بين المنهاج الدولي ومادة التربية الإسلامية اطلاقاً، بالعكس معظم مدارس الانترناشونال تعمل على سد فجوة اللغة العربية من خلال زيادة حصص الثقافة الإسلامية، ولا يتم استنثائها، حيث هنالك العديد من المدارس تعمل على زيادة التركيز على الثقافة الإسلامية، من خلال زيادة عدد الحصص وتخصيص بعضها على سبيل المثال لتعليم القرآن الكريم.
ما هي تطلعاتك المستقبلية للمنظومة التعليمية في الأردن؟
أتمنى أن نرتقي بالتعليم الوطني ليوازي التعليم الدولي، فالمناهج الدولية تعمل على شخصية الطالب بشكل كامل منذ الصفوف الأولى من كافة الجوانب.
وأتمنى أن يطلع خبراء المناهج في وزارة التربية والتعليم على هذه المساقات المقررة بالمناهج الدولية والعمل على تطوير المناهج الوطنية، لما فيها مصلحة للطلاب وتأثير بمخرجات التعليم بشكل كبير.
ما رأيك بنظام التوجيهي في الأردن وإلى ماذا يحتاج؟
يحتاج إلى تغيير جذري وهدم وإعادة بناء من جديد، حيث هنالك خلل في النظام، خاصة وأن "التوجيهي" لا يزال يعتبر رعب للأهالي والطلبة مما يؤثر على نتائج بعض الطلبة.
كلمة توجهها للطلبة ؟
أتمنى أن يتأكدوا بأن مستقبل الوطن يقع على اكتافهم ويحتاج إليهم، فهذا الوطن هم درعه وحصنه المتين، والأهم الابتعاد عن أي مواضيع انتشرت في الآونة الأخيرة بين الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتوجه للدراسة بجد واجتهاد لتحقيق الأفضل لهم وللوطن.