التقديرات الضريبية للعام 2021 - كما وردت في الموازنة العامة - تبلغ نحو ( 5.39 مليار دينار ) مقابل ايرادات ضريبية بلغت العام الماضي ( 4.95 مليار دينار ) أي أن هناك توقعات بزيادة الايرادات الضريبية بنحو ( 40 مليون دينار ) هذا العام .. فهل هذا ممكن ؟؟
الاجابة على هذا السؤال ( قد ) نجدها بما صدر - حتى الآن - من أرقام أوردتها نشرة وزارة المالية لأول شهرين من العام الحالي ( كانون الثاني - شباط / 2021) وهي أرقام « مبشّرة « وتتوافق مع توقعات تحسن الايرادات الضريبية هذا العام - كما تحسنت الايرادات الضريبية العام الماضي عن العام الذي سبقه 2019 ، مع اختلاف الاسباب - فاذا كانت الايرادات الضريبية في 2020 تحسنت رغم جائحة كورونا ذلك العام فلأنها نتاج 2019 ، اضافة للجهد الكبير الذي بذلته وزارة المالية ودائرة ضريبة الدخل والمبيعات في التحصيل الضريبي ومكافحة - بل ومحاربة التهرب الضريبي - واختلاف « منهجية التحصيل «- اذا جاز التعبير- ، والدخول في تسويات ومخالصات ضريبية مع كبار المكلفين وفقا للقانون ، وبموافقات من رئاسة الوزراء .
من هنا كانت الخشية - ولا زالت - بأن تتراجع التحصيلات الضريبية في 2021 كونها انعكاس لاداء 2020 ( عام كورونا ) وتقل ايرادات « التسويات الضريبية « ، لكن مؤشرات الشهرين الاولين من هذا العام تعطينا صورة لما يمكن ان يكون عليه الحال في 2021 ، فقد ارتفعت قيمة الايرادات الضريبية من السلع والخدمات بنسبة ( 6.3%) اي بمبلغ ( 646.مليون دينار ) مقارنة مع ( 608.3مليون دينار ) مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي ، وهذ الارتفاع سببه ارتفاع الضريبة العامة على السلع والخدمات والتي شكلت ( 70.6%) من الايرادات الضريبية ، في حين تراجعت الايرادات الضريبية على الدخل والارباح في اول شهرين من العام الحالي الى ( 211.1 مليون دينار ) مقارنة مع ( 222.8 مليون دينار ) وهذا متوقع كونه انعكاس لتراجع الدخل نتيجة تراجع الاداء الاقتصادي في ( عام كورونا ) .
الايرادات الضريبية هي الركيزة الاساسية في الموازنة كونها تشكل نحو ( 73.2%) من اجمالي الايرادات المحلية ، وما دامت قد بلغت في اول شهرين نحو ( 1.25 مليار دينار ) ، فهذا مؤشر جيد ، وسيكون جيدا جدا اذا استمر الوضع على ما هو عليه حتى نهاية العام .
باختصار فان الايرادات الضريبية ستعتمد في زيادتها على « ضريبة المبيعات « ( على السلع والخدمات ) لتعوّض تراجع الايرادات الضريبية الناتجة عن « ضريبة الدخل « ، وهذا الامر ( الاعتماد على ضريبة المبيعات ) هو ما يجعل الحكومات المتعاقبة وعلى الرغم من اعترافها بالتشوهات الضريبية والحاجة الماسة لاعادة النظر بالوعاء و/ او النظام الضريبي ، الا انها لا تستطيع معالجة الامر في هذه الظروف كونها ستفقد كثيرا من الايرادات مما يفاقم من عجز الموازنة ، خصوصا وهي تؤكد هذا العام بأنها لم ولن تفكر بأية زيادات ضريبية جديدة ولا رفعا لأية رسوم قديمة ، ولهذا سيبقى رهان الحكومة هذا العام على الايرادات الضريبية في تحقيق توقعاتها وفرضياتها لموازنة 2021 .
كل ذلك ندركه تماما ، وربما يكون مبررا في هذا الظرف ، لكنه أبدا ليس أساسا لاقتصاد قوي يخفّف من الاعباء الضريبية في سبيل تنشيط الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتشغيل العمالة ورفع معدلات النمو ، وغير ذلك فان زيادة الاعباء الضريبية قد تحل مشكلة « آنية « لكنها أبدا لا تبني اقتصادا قويا مستداما .