مرت خمسة أيام على بدء الحرب بين الحق والباطل، هذا اليوم السادس وما زالت القوة العظمى بأسلحتها العنصرية تدك بنايات سكنية وتقتل الأطفال في غزة، حتى أمس كان عدد الأطفال قد بلغ أربعة وثلاثين ضحية بريئة، لم يبك عليهم بنيامين نتنياهو الذي دفع بأسلحته الجوية والبرية للإنتقام عقب خسارته فرصة تشكيل حكومة، بل لم يرف له جفن وترك لسانه يلعق شفتيه المغموستان بالدم البريء، ولسوء حظه مجددا فإن حماس عادت لتتربع على عرش السلطة العليا، فهي التي أخذت المبادرة للدفاع عن المسجد الأقصى وعن المصلين هناك وعن حي الشيخ جراح، في ظل ?مت مطبق لجماعة رام الله.
لقد فازت «حماس» بفضل الكراهية التي تسكن روح «بيبي»، ورغم استشهاد أزيد من مئة وثلاثين مواطنا غزّيا، وتدمير مربعات سكنية بأكملها، فإن شعب غزة يستقبل الموت بالفرح ولكن العكس يقع في الجانب الشمالي من الأرض المحتلة، التي تحولت الى جحيم على رؤوس في بئر السبع واللد والرملة وامتدادا إلى تل أبيب البعيدة، وكل ما يجري يثبت أن حكومة عنصرية سادية في تل أبيب لا تستطيع أن تخلق الحياة ولا تصنع الأمن لسكانها ما دام المجانين يقودونها إلى الهاوية.
ليست «حماس» وحدها بل حتى إيران التي تصمت عن قصف قواتها في سوريا ومشاريعها النووية في قلب إيران بفعل الضربات الإسرائيلية دون أي رد، قد ينالها طرف من شرف الحرب المقدسة التي تدعيها، ولكن حماس مضطرة للقبول بأي تعاون للتصدي للعدوان المتكرر للألة الإسرائيلية، وبالتالي فهي كسبت المعركة رغم الخسائر الفادحة وحشرت السلطة الفلسطينية في الغرفة التي ذاق مرارتها القائد الراحل ياسر عرفات من قبل إسرائيل، ولكن هذه المرة فإن الذي يعاقب السلطة هي حماس، فضلا عن الكثيرين اللذين أكلت القطة ألسنتهم.
مرت أول من أمس الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة الفلسطينية، وعبر ثلاثة وسبعين عاما ما زال الشعب الفلسطيني ينزف دما بريئا، ولا تزال السلطة الإسرائيلية المحتلة تلعب دور شمشون الجبار بعضلات قياداتها منذ ديفيد بن غوريون الذي وعد يهود أوروبا بانهار العسل على أرض فلسطين، ولم يدر أن ما أسماهم شعبه ما زالوا يتراعدون خوفا عندما تطفأ الكهرباء، في دولة حولتهم من لاجئين الى غزاة لا يعترفون إلا بأنفسهم، ينصب عليهم قادة برابرة،لا قيمة عندهم للعهود ولا يلقون بالا للسلام، فهم قد تحولوا الى نبوخذ نصر لا يموت بل يستنسخ في جلو? الأجيال عبر السنين.
اليوم تغيرت المعادلة رأسا على عقب فالفلسطينيون بات أسمهم على ألسنة العالم كله، والقضية الفلسطينية تعاظمت قوتها، والقدر محّص الخبيث من الطيب وكشف ما يبطنه الجميع، والشعوب العربية عادت لقوميتها ونضالها مع القدس وفلسطين وأهلها، وانقلب سحر العاجزين من أبناء جلدتنا وجلدة بني إسرائيل عليهم، حتى يهود أمريكا وأوروبا خرجوا منددين بما تفعله السلطة الإسرائيلية،وعرب الداخل الفلسطيني عادت لهم الصحوة العربية بعد سنوات من التمييز ضدهم وانتفضوا لشعبهم الحقيقي، وكلما طال الغزو البربري على غزة و الضفة والقدس، سيزداد صمود ال?رب هناك، ومهما بقي التأييد للسلطة الغاشمة في إسرائيل من دول الغرب والشرق فلن يحقق لها النوم الهانئ.
يحيي اليهود على أرض فلسطين ذكرى المحرقة، ويدعون على أدولف هتلر، ولكنهم لا يدركون أن هتلر ما زال حيا بينهم،انه نتنياهو وكل رئيس حكومة يشبهه وكل حزب متطرف يدعمه وكل سياسي يقف خلفه، فهناك الكثير من هتلر بينهم، فاقتلوه علّ الحظ ينجدكم بسلام غير خادع.