2024-11-27 - الأربعاء
00:00:00

آراء و مقالات

القدس.. اكبر من انتفاضة!

{clean_title}
فارس الحباشنة
صوت عمان :  


عندما تنسب انتفاضة للاقصى فهي على سبيل الاستعارة والمجاز.. والقدس من الخليقة الاولى كانت في صميم القضية الفلسطينية، وفي صميم حروب شعوب المشرق العربي ضد الاستعمار والاحتلال والغزاة الاجانب.

واطلاق اي اسم ورقم على انتفاضة فلسطينية في زمن الاحتلال يعني قتلها وحصرها زمنيا. الانتفاضة حالة وجودية ومستمرة، وهي تعبير وطني وانساني عن فشل الحل والخيار السلمي، ولا تقبل الانتفاضة ان تدرج تحت خانات وحقب منفصلة تاريخيا وجغراغيا. وكأن يقولون في انتهاء الانتفاضة فان الفلسطنيين يدخلون في مرحلة استراحة واسترخاء، وان المقاومة تنقطع وتنحسر، المعركة مفتوحة ونهايتها بزوال الاحتلال وادواته وسياسته العنصرية والاستطيانية البغيضة.

لربما ما تغيير اليوم هو الايقاع والتسليط الاعلامي، والمواجهة الحية المستمية للمقدسين ب»اللحم الحي» ضد الاعتداءات الصهيونية. الانتهاك هذه المرة للقدس لربما هو مختلف، انها النهايات والنحر التام لاخر ارث وبقايا للوجود العربي في المدينة المقدسة، حي الشيخ جراح.

العرب نسوا القدس، وكانوا يتمسكوا بالقدس الشرقية وباب العامود، وألم يكونوا يسمون في ادبيات السلام والتطبيع ان القدس الشرقية عاصمة لدولة مجهولة وافتراضية اسمها فلسطين؟ واليوم القضية اختزلت واختصرت وقزمت باراضي الشيخ جراح. الشعب الفلسطيني في الداخل يقف وحيدا، متروكا لمصيره، وللمرة المليون يواجه لعنات التاريخ وحيدا.

وكما قال محمود درويش: من الخليج الى المحيط/ والمحيط الى الخليج/ كانوا يعدون الجنازة /وانتخاب المقصلة.

اسرائيل لا تخجل من احد.. وان لم تخجل فافعل ما تشاء.. وشدة الوقاحة لا تضع حدا لاعمال للانتهاكات واعتداءات سافرة بحق المقدسين وتهجيرهم واجبارهم على ترك بيوتهم، وضرب الاتفاقات والقوانيين الدولية، وعدم احترام ادنى شروط وظروف للعيش السلمي المشترك. ومصدر هذه الوقاحة والرعونة هو الاحتلال والعقلية الصهيونية الاستيطانية والملؤثات والاوهام الاسطورية الخالدة المسيطرة على العقل الاسرائيلي.

اسرائيل لا تمييز بين فلسطيني وعربي اخر.. فالخطر الصهيوني لا يستثني احدا.. وبهذه الفجاجة تتعامل مع دول السلام العربي القديمة والجديدة.. والبرلمان العربي المسكين ندد في بيان صادر عن الامانة العامة بالانتهاكات الاسرائيلية، وفي اروقة المؤسسات المنظمات الدولية سمعنا كلاما غليظا وقاسيا وناقدا لاسرائيل وانتهاكتها من ممثلين لدول اجنبية لاتنية وافريقية اكثر حدة من ممثلين لدول عربية.

من يفكر من العرب بفهلوة وحداقة سياسية بانه يلوذ بالنجاة والغنيمة بالصلح والسلام والتقارب مع اسرائيل فهو اكبر خاسر.. اسرائيل تسعى الى تمزيق القومية العربية واستهداف البلدان كل على حدا، ولان اسرائيل اكثر هشاشة فانها تحيى وتقوى سياستها على فرقة وتمزيق، وخلافات العرب.

مسلسل استباحة الاقصى والمقدسات لم يغب يوما، والمواجهات الاخيرة عرضت كل اتفاقيات السلام الى الموت الحتمي واعلان دفنها. واسقطت وعرت كل محاولات وومشاريع التطبيع مع اسرائيل.

في تل ابيب يعرفون جيدا استغلال الظروف الاقليمية والدولية لتنفيذ ما هو مؤجل على ادراج المخططات الصهيونية، ويقيسون ردود الفعل ويحسبونها بدقة، وليعرفوا كيف يمضون في تنفيذ مشاريعهم، واذا ما استمرت ردود الفعل الفلسطينية والعربية على هذا النطاق، فلماذا لا تمضي اسرائيل في مشروعها الاستيطاني والتهويدي، ولماذا لا تكمل تنفيذ حلمها الاسطوري بهدم المسجد الاقصى واقامة هيكل سليمان المزعوم.