2024-11-27 - الأربعاء
00:00:00

آراء و مقالات

لماذا يربح المليارديرات وحكوماتنا تخسر

{clean_title}
فايز الفايز
صوت عمان :  

كلما نفكر في حال الحكومات ورؤسائها ممن مرت أقدامهم على رمال هذه المديونية الرسمية وتركوا أثرا لا ينسى، بل يذكرنا بأننا سنبقى نكافح حتى النفس الأخير للبقاء على قيد الحياة، إذ لا ألوم أي منهم ولا أياً منا، فمجرد أن ترى بعين ثاقبة في أحوال أياً من بلاد العرب أو تحاول تحليل وجودها وقنواتها الإقتصادية ومضارباتها السياسية، سترى أنها مجرد هلام ومن المحتمل في أي لحظة ينقلب الربيع إلى حريق، وهذا ما يظهر فعليا من مديونيات الدول العربية، رغم تحكمها في مفاصل الإدارة المالية ولكنها لا تربح وموازناتها دائمة تسجل عجزا قبل أن تُقر.

 في المقابل نرى كيف أن أشخاصا، بشرا مثلنا، يمتلكون عشرات أضعاف موازنات الحكومات عندنا، فحسب تقرير لـ«فوربس» نشر حديثا، فإن السيد المحترم جيف بيزوس قد تربع على عرش ميليارديرات العالم بثروة صافية بلغت 177 مليار دولار، وسأتوقف عند السيد بيزوس الذي زار الأردن عدة مرات، لأسأل نفسي لا المسؤولين كيف لمثل هذا الرجل أن يدير «أمازون» الشركة العملاقة التي لم تتعد الثلاثين من عمرها وتربح في الأسواقالمالية ما لا يمكن أن تربحه الدول العربية مجتمعة من منتوجاتها المختلفة.

لقد شهدت مجلة فوربس هذا العام على ولادة عدد جديد من المليارديرات العصاميين بلغ 1975 مليارديرًا، بزيادة ملياردير 1457 العام 2020 ،ما يفيد أن هناك تغيرا ملحوظا عن قائمة المليارديرات قبل عشرين عاما، إذ كان هناك 49 %فقط من إجمالي 565 مليارديرًا أنذاك يعدون عصاميين، 105 من مليارديرات القائمة هم دون سن 40 عامًا، ثلثاهم من العصاميين. 

وكان أصغر ملياردير عصامي هو الأميركي «أوستن راسل» البالغ 26 عاما، والطريف هنا أن راسل قد ترك جامعة ستانفورد ليأسس شركة أنظمة استشعار السيارات «لومينار تكنولوجيز» قبل أن تبلغ ثروته 2 ?.مليار دولار ويحتل المرتبة 1299 ،ونحن نخسر دائما. 

ولنبقى مع الشباب، فلا تزال الحكومة تعلن يوميا أعداد الوفايات والإصابات الجديدة، والموازنة معروف وضعها، والوضع الإقتصادي وصل حدا لا يمكن وصفه لغير متخصص اقتصادي مثلي، ثم لا أحد يدعم تطوير عقول الشباب ومهاراتهم ليصلوا مرحلة الإعتماد على ذاتهم، فبينما نرى شركات التطبيقات التكنولوجية كيف حققت أرباحا خيالية بالميليارات، نجد كم ينفق شعب بأكمله ملايين الدنانير لإبقائهم جاهزين ومتيقظين لمتابعة التطبيقات التي اخترعها الشباب في دول الشرق والغرب، وفقط للثرثرة ومتابعة ما لا يفيد. 

القائمة لو قرأت متغيراتها خلال السنوات الماضية كاملة لأقسمت على دولنا العربية أن تتحول إلى شركات عالمية مفتوحة، فمن يربح في السوق يمكنه السيطرة على كل ما تطاله يده، ولكن عندما ننظر الى التخلف العربي الذي دمر ما تبقى لنا من هواء نقي، لا يمكنا أن نرى سوى الخسائر والموت والدمار والتآمر، وهناك شاب أنيق يجلس على طاولة صغيرة يدير إمبراطورية مالية تعادل أربعة أضعاف حجم المديونية العامة رسميا، ليس لديه أي أعداء، فقط هناك منافسون يمكنه هزيمتهم عندما يفكر ثم يقرر وليس العكس..