يدرك الأردنيون اليوم أهمية المستقبل، ويستحضرون باعتزاز اللحظة التاريخية العميقة التي ترسّخت فيها فكرة الدولة الأردنية الحديثة، مؤكدين أننا وبعد مئة عام يحق لنا أن نفخر بهذا البناء السياسي والاجتماعي المتين، من هنا جاءت فكرة الاحتفالية التي نحن بصدد تنفيذها على مدار هذا العام من خلال مجموعة من المشاريع والبرامج التي تعزز لدى الأجيال القادمة قيم الانتماء الوطني لهذه الدولة وسياقات بنائها، وتقدم رؤية وطنية جديدة تستند إلى مئة عام من الإنجازات من أجل تحفيز الشباب لتعميق قيم الإبداع والثقة بالنفس، وتطوير قاعدة معرفية مرجعية حول مسيرة الدولة والمجتمع.
ضمن هذا الإطار تسعى وزارة الثقافة جاهدة لتنفيذ خططها خلال هذا العام، مستندة إلى أن الأردن يعتبر من أكثر الدول غنى بالتعددية الثقافية والتنوع الإنساني والقيمي الذي يشكل رصيدا مهما ورافدا حقيقيا من روافد الإبداع القائم على الحوار وتعميق القواسم الانسانية المشتركة.
الفعاليات التي ستقام على مدار العام، وتشارك فيها جميع قطاعات الدولة، تتسع لتشتمل على برامج ومشاريع مختلفة منها ما هو مستدام، ومنها ما شبه مستدام من أجل خلق حراك ثقافي نوعي نفتتح به مئوية جديدة من عمر دولتنا المديد، يصوغ فيه أبناء المجتمع الأردني علاقة جديدة مع دولتهم الراسخة ونظامها السياسي الذي يعدّ أقدم نظام سياسي في المنطقة.
سنعمل خلال هذا العام على إنجاز الخطة الاحتفالية التي تم الإعلان عنها رغم الظروف الصحية التي يمر بها العالم، لكننا نطمح أن تكون اعوامنا المقبلة تستند إلى خطة استراتيجية عميقة تستلهم في روحها ما أنجز خلال القرن الماضي، لخلق فضاء آخر من الإبداع في كل المجالات، وبناء خطاب ثقافي إبداعي أكثر التصاقا بالإنسان وقضاياه الثقافية الاجتماعية والإنسانية.
ولابد من التأكيد على أن أهمية الاحتفال بهذه المناسبة تقوم على مبدأ احترام الأردنيين لمنجزهم، وتفاهمهم حول مشروع دولتهم وقيادتهم الهاشمية الحكيمة، وإبراز مسيرة الانجازات الوطنية التي تحققت على مدار السنوات الماضية، وقدرتهم على الاستمرارية في الإنجاز لمئوية قادمة، وهذا سيكون من خلال تحفيز الشباب على المشاركة وتطوير أدواتهم في الابتكار وتعزيز امكانياتهم لمواجهة التحديات، وتوسيع المشاركة الشعبية باختلاف وسائلها من خلال محاور اشتملت عليها الخطة والتي أنجز العديد منها، وأسهم ما تم تنفيذه على دفع العديد من القطاعات للاشتباك الايجابي مع الفعل الثقافي ومحاولة تطويره.
يتطلع الأردنيون بثقة إلى المستقبل، بإصرار مراكمة الإنجاز وتحقيق ما يصبون اليه من توسيع لمساحة الحرية والإبداع وتجويد المنتج الثقافي الذي يعزز قيم الدولة ويرسخ هويتها ويضعها في مصاف الدولة الراسخة.
ولابد هنا أن نستلهم مما انجز، قيمة الصبر وتجاوز المحن والخروج منها أقوى، وغرس هذه القيمة في البنى المعنوية التي رسّخت قدرتنا على الاستجابة للتحديات خلال مراحل بناء الدولة في مئويتها الأولى، أن نحاول أن نربط جميع شرائح المجتمع في المحافظات والمدن والقرى النائية والمخيمات في مشاريع الخطة الاحتفالية وتوسيع مساراتها وربطها بالإنتاج لتكون أكثر قابلية للاستمرار والتحدي، وهذا يجعلنا ننتقل من الانطباع التقليدي عن العمل الثقافي إلى انطباع يرتبط بتكريس قيم العمل والبناء في شتى المجالات، خاصة في ظل قيم العمل الجديدة التي تستند إلى التحولات التكنولوجية الهائلة والمتسارعة، والميزة التنافسية، مما يؤكد على أهمية التمكين بمزيد من الخبرات والمهارات التي تسهم في صناعة المستقبل بلغة معاصرة ومنفتحة.