في الأيام الماضية رأينا غضبة الملك على الهواء مباشرة، بالصوت والصورة.
من راقب الملك في مستشفى السلط الجديد، وقرأ لغة جسده، وحديثه اثناء اجتماع مجلس السياسات، يدرك أن الامر يتعدى فيه اهمية ان تبقى الحكومة او تغادر.
السؤال المطروح هنا هو: هل سيتبع الغضبة الملكية تغييرات حكومية تشكل منعطفا جديدا في ادارة الدولة الأردنية. وهل نحن امام تغيير المسار في سياسات ادارة الدولة، وخريطة من شأنها تطوير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الملف الاقتصادي يكاد ان يكون الاهم، واشار له الملك في اكثر من لقاء ووصفه بانه التحدي الرئيس الذي يواجه المملكة. وكيف لا، في ظل بطالة وصلت مستويات غير مسبوقة، وتضاعفت خلال العشر سنوات الاخيرة، ووصلت بين خريجي الجامعات الذكور الى 45 % وبين الإناث الى اكثر من 70 %!
إن الفتق قد اتسع، ما نريده اليوم وليس غدا تغيير المسار 180 درجة؛ اقتصاديا وصحياً وتعليمياً حتى نرى ثورة بيضاء تطيح بالمنظومة التي راكمت الفشل سنة بعد أخرى.
إن فاجعة المستشفى تنذر أننا أمام منظومة نخرها الفساد. فيما المسؤول يدرك أن حسابه مفقود وعقابه معدوم، وأن الكرسي الذي يجلس عليه انما هو جائزة، وليس مهمة وطنية، لا خيارات فيها سوى النجاح.
حالنا اليوم ونحن ندخل المئوية الثانية للدولة لا يسر صديقا، فالمحسوبية هي السائدة، حتى في علامات الطلبة، وليس في التعيينات فقط، وفي البعثات والامتحانات، وفي أغلب شؤوننا، اما نظامنا الاخلاقي، فحدث عنه ولا حرج، فكيف إذن نستغرب وقوع مثل حادثة المستشفى.
"سننتصر على الوضع الاقتصادي وعلى كورونا والاهمال وصّلنا الى هنا” هنا مربط الفرس وبيت القصيد في حديث الملك، وطبعا الانتصار لا يكون الا بوجود اصحاب الكفاءات والخبرة والاختصاص في كل مفاصل الدولة، التي تعمل ليل نهار للارتقاء بالوطن لنستطيع من خلالها التأسيس للمئوية الثانية للدولة.
خطاب ملكي يحمل معاني وعبرا كثيرة، والاهم كيف لنا ان نوقف عملية التراجع التي طالت الاقتصاد والتعليم والصحة؟!
الغضب الملكي يحتاج لإستراتيجيات لترجمة التوجيه لخطط وسياسات عابرة للحكومات وقابلة للتنفيذ من الوزارات والمؤسسات المعنية.
خلاصة القول .. "بكفي”، "وبحاجة إلى ناس تخاف الله ويشتغلون من قلوبهم لمصلحة الوطن!”