2024-11-27 - الأربعاء
00:00:00

آراء و مقالات

عصا موسى الفلسطيني وفرعون اليهودي

{clean_title}
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
صوت عمان :  


ليس الأطلسي ولا الهادي أو الهندي، أكبر محيط في الكوكب، بل هناك محيط أكبر، مياهه أكثر عمقا وعكورة، وهو محيط الكلام في القضية الفلسطينية، الذي قاده التضليل ليزرع الفكرة الخبيثة، حتى ركع العرب، وجعل أمتهم منقادة جبانة وشعوبها مجرد طرائد للآلة العسكرية العدوانية.. وحتى لا أخوض أو أعوم على غير هدى في ذلك المحيط، سأحاول أن أمتنع عن كتابة مقالات وتحليلات حول القضية الفلسطينية، فلا أريد أن أزيد الكلام كلاما، ولا العقول ضلالات وفراغ..

في مقالة سابقة وصفت صمود ووعي الشعب الفلسطيني بأنه يشبه عصا سيدنا موسى عليه السلام، تلك التي ابتلعت فعليا حبال وعصي وأدوات الشعوذة، التي جلبها سحرة فرعون مصر، فسحروا المشاهدين وبدت لهم الحبال والأدوات وكأنها نهر أفاعي تنوي التهام موسى عليه السلام والتهام الكون، فألقى النبي عصاه، وأصبحت بقدرة الله أفعى ضخمة، قامت بابتلاع كل الحبال والخدمات والأدوات (اللوجستية) التي جلبها فرعون للسحرة ليخيف النبي وأتباعه، لكن العصا وحدها (لقفت ما يأفكون)، ثم عادت عصا خشبية، بينما اختفت الحبال وغيرها بشكل فعلي فيزيائي لا خيالي او تحت تأثير السحر.. ولعل أطرف ما قرأت من (نكت) على جهل فرعون خلال الأيام الماضية، بأن نتنياهو وكل عصابة اليهود معه، مهما فعلوا وضللوا وكذبوا، فلن يكسبوا القضية ولا المواجهة، وقد علق معلق على هذا بما معناه:»نتنياهو وجيشه المجرم لن يفعلوا شيئا وهم أضعف مما يبدو، كفرعون الذي كان يكذب ويشعوذ ليرهب موسى عليه السلام، ويقول أنا ربكم الأعلى» و(طلع في الأخير كذاب وكمان ما بعرف يسبح).

فعلها الشعب الفلسطيني، وألقى عصاه في الساحة، فابتلعت كل الأكاذيب اليهودية وغيرها، وسارعوا بوقف المواجهة مع الشعب الفلسطيني، لكن بعد فوات الأوان، فالمارد تململ، ولن يثبت في طريقه لا شعوذة ولا كذب ولا مؤامرات، بل إنه أحيا الأمل في نفوس وقلوب أمتنا العربية التي تم ذبح ملايين من شعوبها في فلسطين والعراق واليمن وليبيا وسوريا ومصر ...والمذبحة مستمرة، بل مرشحة لمذبحة أكبر، سيحاول المجرمون أن يرتكبوها بعيدا عن فلسطين، لإعادة هذه الأمة الى السبات والذلة والجبن والاستباحة ...

كل العالم استشعر الخطر الكبير الذي جلبه اليهود له قبل أن يجلبه للعرب وللفلسطينيين، وسيحاول العرافون والمشعوذون شراء وقت إضافي، ليمارسوا طقوس التنويم المغناطيسي من جديد على العالم وعلى الشعوب العربية والاسلامية والحرة حول العالم، لكنهم لن يتمكنوا فالأكذوبة انكشفت، بل وتم دحضها، وإيقاظ العدالة والكرامة في نفوس وعقول وقلوب كل المقهورين العرب والمسلمين، فالذي حدث في الأيام القليلة الماضية في فلسطين، هو ملحمة أسطورية عظيمة، لا يحاول تجاهلها الا شيطان مريد لا يريد الخير والعدل والحق، وأهم اشي(لا يريد أن تتذكر هذه الأمة بأنها حرة عزيزة كريمة).

هذه هي الفكرة «القنبلة الكونية» التي اجتهدت قوى الطغيان والاجرام وعملاؤها على امتداد أكثر من عام وربما مئات الاعوام لتغييبها، وزرع نقيضها في نفوس العرب، لكن الشعب الفلسطيني بددها في صموده الأخير، وسينفق العالم الكثير بل ربما سيرتكبون مذابح كبيرة خارج فلسطين، ليعيدوا الوضع على ما كان عليه قبل أسبوعين، ولن يستطيعوا ما دام الشعب الفلسطيني صامدا في أرضه، ويتسابق كباره وصغاره للموت دفاعا عن كرامتهم، وحقهم الوطني المقدس.

اعتقد بأن الاستبداد والإجرام كله قد خسر أهم جولة مع الشعوب، وهذا ما يجب أن يلتفت اليه النظام العربي، فكل مواطن من الشعوب العربية لديه مليون سبب ليعيش بكرامة و»ديمقراطية» وحرية، وهو بطبعه يرفض كل أشكال الاعتداء على كرامته وحقوقه الطبيعية، وهذا أخطر درس يهدد الاستبداد حول العالم، وقد فهمته الشعوب، ولو استمر اطلاق النار حتى اليوم بل حتى صلاة الجمعة الماضية، لتغيرت المنطقة كلها، فالمارد كما قلت (تململ أثناء نومته الطويلة) وقد يقف على قدميه فيغرق فرعون اليهودي وكل سحرته وما يأفكون.

على العالم أن يسارع لتصويب الخلل الكبير قبل فوات الأوان.

أؤكد : «القدس لنا».