2024-04-30 - الثلاثاء
00:00:00

آراء و مقالات

تأثير الإعلام على الرأي العام

{clean_title}
د. عبدالرزاق الدليمي
صوت عمان :  


تعتبر وسائل الإعلام أهم الأدوات التي يمكن توظيفها لخلق الرأي العام أو التأثير فيه؛ وتقوم وسائل الإعلام بطرح مختلف القضايا، وتنتقي إحداها للتركيز عليها، وتحريك الرأي العام حولها، وفي بعض القضايا يتخذ المجتمع نظرةً أو رأياً عامّاً، فيقوم الإعلام بعدها، بدوره لتصحيح وجهة نظر الناس وقناعاتهم، والتأثير بهم على نحوٍ مُغاير. كما تعمل وسائل الاعلام على استباق الأحداث، وقد ينظر بعض المُراقبين لهذه المهمة من زاويةٍ حسّاسةٍ للغاية؛ كونهم يعتقدون أنّ استباق الأحداث؛ ليس من مُهمّة الإعلام، وأنّ القيام بذلك قد يمس بمهنيّة العمل الإعلامي وتجرّده؛ بيد أنّ وسائل الإعلام تتبنّى وجهة أُخرى، تدور حول أهميّة البحث في كواليس الساسة، ودوافع الظواهر الاجتماعيّة، والقواعد التي ينطلق منها الفعل الثقافي التوعوي في المجتمعات. تتمثّل هذه النقطة في المواد الإعلاميّة التحليليّة؛ ومنها العمود الصحفي الذي يكتبه كبار الصحفيين في الصحف والمطبوعات، والبرامج التحليليّة التي يديرها صحفيين محترفين، وتستضيف المُحللين المؤثرين؛ من أساتذة العلوم المختلفة، وأصحاب الخبرات الطويلة، والمُفكرين المؤثرين، ورواد الأعمال، وأصحاب التجارب الرائدة.

وهنا لابد من ملاحظة نقطة مهمة وهي أن خيارات المُجتمع قد تختلف لاسيما ردود فعل الأفراد فيها، وهذا يعني تباين درجة تفاعلهم مع ما تُقدّمه وسائل الإعلام؛ فمنهم مَن يتتبع المنطق في ردة فعله؛ بأن يستطيع الحكم على أنّ تلك الوسيلة الإعلاميّة مثلاً، تُمارس التهويل والمبالغة تجاه حدثٍ ما، فلا يستحق كل هذا الزخم الذي تعرضه على شاشتها، أو تخصص له الساعات الطويلة من البث الإذاعي، أو لا توفّر جُهداً في حشو صفحات الجرائد، ومواقع الإنترنت بما يحلو لها بعيداً عن الواقع، بينما قد يكتفي البعض بالتفاعل مع كثيرٍ من وسائل الإعلام؛ بتلقّي الخبر، دون الاهتمام لتحليلات وسيلة الإعلام، أو تبنّي الرأي الذي تنادي به بشكلٍ مُبطنٍ أو مُعلن؛ كأن تصف وسيلة إعلاميَّة حرب الدولة التي تنتمي إليها، على دولةٍ أُخرى، بالخطوة الصحيحة؛ وهي بذلك طالبت بشكلٍ بديهي، مُتابعيها بتصديق ما تنادي به.

وهناك عوامل عديدة يمكن أن تؤدي دوراً مُهمّاً؛ في دفع الجمهور لتصديق ما تطرحه وسائل الإعلام؛ مهما كان صحيحاً وواقعياً أو غير ذلك، ومن تلك العوامل؛ شُهرة وسيلة الإعلام، وتوفر الإمكانيّات اللوجستية لديها؛ والقدرة على التغطية الإعلاميّة في معظم المناطق حول العالم، واستخدام التقنيات الحديثة في التصوير والمونتاج، إلى جانب تناول المواضيع الساخنة، ومحاولة الكشف عن المستور؛ فيما يتعلق بسياسات بعض الدول، أو حقائق لم تُعرض بعد، ولابد هنا من الانتباه إلى تأثير الإعلام على المراهقين والمساهمة في زيادة الوعي لدى بعض المراهقين حول المجتمع والعالم، ويُعدّ الوعي السياسي والثقافي أمراً مهماً إذا أردنا إنشاء جيل من المواطنين المسؤولين اجتماعياً، ويكون ذلك من خلال القنوات الإخبارية، ومواقع الشبكات الاجتماعية، والمجلات، حيث تمكّن وسائل الإعلام المراهقين من إدراك ما يدور حولهم في هذا العالم، كما يمكن لوسائل الإعلام أيضاً تنمية مهارات القراءة والكتابة... فإذا أراد المراهق المشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي، أو المدونات، أو غرف الدردشة فيجب عليه تطوير مهاراته في القراءة والكتابة، وقد يميل بعض المراهقين للحصول على كتابٍ ما إذا قام أحد المشاهير بالتحدث عنه ويمكن لوسائل الإعلام أن تنمي قابليات المراهقين على التعوّد في التعامل السليم مع أحداث العنف ذلك إنّ حجم العنف الذي يشاهده المراهقون في وسائل الإعلام، بما فيها الأفلام، وألعاب الفيديو باتت أمراً مخيفاً، حيث يقضي المراهقون عدّة ساعات كلّ يوم في متابعة هذه المشاهد، ممّا يجعل العنف يبدو وكأنّه واقعهم، ويصبحون غير قادرين على التمييز بين الواقع والخيال، ممّا يجعل العنف طبيعياً بالنسبة لهم، أما البدانة فهي إحدى النتائج الخطيرة التي يعاني منها المراهقين بسبب قضاء معظم أوقاتهم أمام شاشات التلفزيون أو الحاسوب، وعدم خروجهم للعب في الخارج، ناهيك عن عادات الأكل السيئة، التي تؤدي إلى إصابة المراهقين بداء السمنة.