لم يكن الاعتداء الجبان الذي استهدف الزميل الصحفي فارس الحباشنة عند الفجر مجرّد حادثة عابرة يمكن أن تمرّ في ظلال النسيان، بل هو جرس إنذار قاسٍ يكشف هشاشة الحماية التي يفترض أن ينعم بها الصحفيون وهم يؤدّون رسالتهم المهنية دفاعًا عن الحقيقة والوطن.
المعلومات المؤكدة حتى الآن تشير إلى أن عدد المتورطين في هذا الهجوم البشع بلغ تسعة أشخاص على الأقل، بينهم أسماء نافذة وأفراد على صلة مباشرة بهم، الأمر الذي يضع علامات استفهام ثقيلة حول جدية التحقيقات ومدى التزام الجهات الأمنية والقضائية بمبدأ المساواة أمام القانون.
القضية لم تعد تخص فارس وحده، بل تخص كل صحفي أردني، وكل مواطن مؤمن أن لا أحد يجب أن يكون فوق القانون. الشارع اليوم يريد إجابات واضحة: من حرض؟ من موّل؟ من نفّذ؟ ومن يحاول طمس الحقيقة خلف الكواليس؟
إن أقل ما يُنتظر في هذه اللحظة الحرجة هو بيان أمني صريح، يكشف الأسماء بلا مواربة، ويضع النقاط على الحروف، ويقطع الطريق على محاولات دفن الحقيقة في دهاليز الصفقات والضغوط.
إن التستر على المتورطين ـ أيًا كانت مناصبهم أو علاقاتهم ـ يعني توجيه رسالة خطيرة مفادها أن القانون في هذا البلد يُطبق بانتقائية، وأن اليد الطولى للأقوى، لا للعدالة.
اليوم، يطالب الأردنيون جميعًا أن يكون هذا الملف مفتوحًا حتى النهاية، وأن يُقاد المعتدون إلى القضاء مكشوفين بالأسماء والجرم والدوافع، ليكونوا عبرة لمن يظن أن تكميم الأفواه يمكن أن يمرّ بلا حساب.
إن العدالة في هذه القضية ليست مطلبًا لفارس وحده، بل هي معركة كرامة وطنية، ستبقى مفتوحة حتى يعلو صوت القانون على كل من يعتقد أن بإمكانه شراء الصمت بالترهيب أو النفوذ أو المال.
هذه ليست جريمة فردية، هذه لدولة القانون… فهل تنتصر الدولة لنفسها؟