تتصاعد حدة التساؤلات والمخاوف في السوق الأردني حول استيراد لحوم الأغنام العواس الطازجة والمبردة، والتي بدأت تغزو الأسواق المحلية مؤخراً. تتركز المخاوف حول عدة نقاط رئيسية تستدعي تدخلاً رقابياً عاجلاً لضمان سلامة السوق وحقوق المستهلك والمزارع على حد سواء.
غياب الشفافية حول رخص الذبح والمسالخ المعتمدة:
يثار تساؤل هام حول أماكن ذبح هذه الأغنام المستوردة، و آلية الذبح المعتمدة، و مدى اعتماد المسالخ التي تتم فيها هذه العمليات. يُطالب المستهلك بمعرفة أين يتم الحصول على رخص الذبح لهذه الأغنام المستوردة، وما إذا كانت تخضع لمعايير الذبح الحلال المعتمدة في الأردن، وهل تخضع هذه المسالخ لرقابة الجهات المختصة لضمان سلامة اللحوم وجودتها. أين ختم المسالخ المعتمدة الذي يضمن للمستهلك جودة وسلامة اللحوم؟ غياب هذه المعلومات يثير شكوكاً حول مدى التزام هذه اللحوم المستوردة بالمعايير الصحية والشرعية.
تضارب في التعليمات الوزارية حول "اللية":
تتزايد علامات الاستفهام حول تضارب في التعليمات الوزارية المتعلقة باستيراد الأغنام. ففي السابق، اشترط وزير الزراعة الأردني نفسه عدم وجود "لية" للخروف المستورد، وهو شرط كان يهدف على ما يبدو إلى حماية السوق المحلي ومنع استيراد أنواع معينة من الأغنام قد تؤثر على الإنتاج المحلي. لماذا الآن لا توجد تعليمات واضحة أو رقابة على وجود "لية" في هذه الأغنام العواسية المستوردة؟ هذا التناقض في السياسات يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التغير، وما إذا كان يصب في مصلحة السوق والمستهلك الأردني.
تهديد خطير للسوق المحلي وتضليل المستهلك:
الأخطر في الموضوع هو التأثير المحتمل لهذه اللحوم المستوردة على السوق المحلي. هذه اللحوم العواسية الطازجة والمبردة، والتي تشبه إلى حد كبير الخروف البلدي، تُشكل تهديداً حقيقياً لسوق الخروف البلدي. هناك مخاوف جدية من أن يتم بيع هذه اللحوم المستوردة على أنها لحوم بلدية وبنفس أسعار اللحوم البلدية المرتفعة. هذا التلاعب سيؤدي إلى خسائر فادحة للمزارعين الأردنيين الذين يعتمدون على تربية الخراف البلدية كمصدر رزق رئيسي. ورغم ذلك، لن يشهد المستهلك انخفاضاً في أسعار اللحوم، بل سيشتري لحوماً مستوردة بسعر اللحم البلدي، مما يضاعف الخسائر على المزارع ويفقد المستهلك حقه في الحصول على أسعار عادلة.
هذه التطورات تستدعي تدخلاً رقابياً مشدداً وعاجلاً من الجهات المعنية. يجب على وزارة الزراعة والجهات الرقابية الأخرى توضيح الإجراءات المتبعة في استيراد هذه اللحوم، و الكشف عن المسالخ المعتمدة، و ضمان تطبيق معايير الذبح الحلال والسلامة الغذائية. كما يجب توضيح السياسة الوزارية المتعلقة بـ "اللية" في الأغنام المستوردة، و وضع آليات فعالة لمنع تضليل المستهلك وبيع اللحوم المستوردة على أنها بلدية.
إن غياب الرقابة والشفافية في هذا الملف قد يؤدي إلى تدمير قطاع تربية الأغنام البلدي، و إلحاق الضرر بالمزارعين، و تضليل المستهلك. لذا، فإن التحرك السريع والفعال من الجهات المعنية بات ضرورة قصوى لحماية السوق الأردني وضمان حقوق جميع الأطراف.