تشير فرضية جديدة إلى أنه مع نمو الحضارات التي ترتاد الفضاء في الحجم والتطور التكنولوجي، فإنها تصل في النهاية إلى نقطة الأزمة حيث لم يعد الابتكار مواكبا للطلب على الطاقة.
وقال الباحثون إن المسار البديل الوحيد هو رفض نموذج "النمو الثابت" لصالح الحفاظ على التوازن، ولكن على حساب قدرة الحضارة على التوسع عبر النجوم.
وتحاول الفرضية، التي نُشرت في 4 مايو في مجلة Royal Society Open Science، إيجاد حل لمفارقة فيرمي. وتأخذ هذه المفارقة اسمها من تأملات وقت الغداء غير الرسمية للفيزيائي الحائز جائزة نوبل إنريكو فيرمي، وتلفت الانتباه إلى التناقض بين النطاق الهائل وعمر الكون - وهما شيئان يقترحان أن الكون يجب أن يعج بالحياة الفضائية المتقدمة - وعدم وجود دليل على كائنات فضائية في أي مكان في الأفق.
وقال عالما الأحياء الفلكية مايكل وونغ، من معهد كارنيجي للعلوم، وستيوارت بارتليت، من معهد التكنولوجيا في كاليفورنيا: "تنهار الحضارات من الإرهاق أو تعيد توجيه نفسها إلى إعطاء الأولوية للاستتباب، وهي حالة لم يعد فيها التوسع الكوني هدفا، ما يجعل من الصعب اكتشافها عن بُعد. إن النتيجة - الصحوة الاستتبابية أو انهيار الحضارة - ستكون متسقة مع الغياب الملحوظ للحضارات على مستوى المجرة".
وتوصل الاثنان إلى فرضيتهما من خلال البحث في دراسات النمو "الخطي الفائق" للمدن. واقترحت هذه الدراسات أن المدن تزداد في الحجم واستهلاك الطاقة بمعدل أسي مع نمو سكانها، ما يؤدي حتما إلى نقاط الأزمة - أو التفردات - التي تسبب انهيارا سريعا في النمو، يليها انهيار أكثر خطورة، وربما إنهاء الحضارة. ونحن نفترض أنه بمجرد انتقال حضارة الكواكب إلى حالة يمكن وصفها بأنها مدينة عالمية متصلة فعليا، فإنها ستواجه "نضوبا مقاربا"، وهي أزمة نهائية حيث يصبح النطاق الزمني للفرد الفاصل أصغر من النطاق الزمني للابتكار.
ويقترح الباحثون أن هذه الحضارات التي أوشكت على الانهيار ستكون أسهل على البشرية اكتشافها، لأنها ستبدد كميات كبيرة من الطاقة بطريقة "غير مستدامة إلى حد بعيد". وكتب الباحثون: "يعرض هذا إمكانية أن العديد من الاكتشافات الأولية للبشرية للحياة خارج كوكب الأرض قد تكون من النوع الذكي".
ولتفادي هلاكها، يمكن للحضارات أن تخضع لـ "يقظة استتبابية"، وإعادة توجيه إنتاجها بعيدا عن النمو غير المحدود عبر النجوم إلى واحد يعطي الأولوية للرفاهية المجتمعية والتنمية المستدامة والعادلة والانسجام مع بيئتها، كما يقترح الباحثون. وفي حين أن مثل هذه الحضارات قد لا تتخلى تماما عن استكشاف الفضاء، فإنها لن تتوسع على نطاقات كبيرة بما يكفي لجعل الاتصال بالأرض أمرا محتملا.
ويؤكد العلماء أن اقتراحهم هو مجرد فرضية مأخوذة من مراقبة القوانين التي يبدو أنها تحكم الحياة على الأرض، وهي مصممة "لإثارة النقاش والتأمل والعمل المستقبلي".
وينضم اقتراحهم إلى مجموعة وفيرة من الاقتراحات العلمية والشائعة الأخرى حول سبب عدم قيامنا بالاتصال المباشر بالزوار السماويين. وتشمل هذه التحديات العملية العديدة التي يطرحها السفر بين النجوم.