84791--
كتب عبدالرحمن خلدون شديفات
تعديل هادئ وهمس صاخب
التعديل الذي أجراه الدكتور جعفر حسان على حكومته جاء رسالة واضحة بأن السياسة الأردنية، داخلياً وخارجياً، تسير بثبات لا يتأثر بالمتغيرات الطارئة. غير أن الهدوء الذي أظهره التعديل، لم يمنع صالونات عمان من تبادل التوقعات حول شكل المرحلة المقبلة، وما إذا كانت البلاد مقبلة على خطوات سياسية أكثر حساسية.
الثبات هنا ليس مجرد استمرار، بل تمهيد لمرحلة سياسية أعقد.
دورة برلمانية ربما أخيرة في الدورة المقبلة
الحديث يتزايد عن أن الدورة البرلمانية المقبلة، والمتوقع عقدها قبيل منتصف تشرين الثاني، قد تكون الأخيرة في عمر هذا المجلس. معركة رئاسة المجلس والمكتب الدائم ستكون بوابة لقراءة موازين القوى الجديدة، فهي ليست شأناً إجرائياً بل انعكاس مباشر لاتجاهات الدولة في إدارة المرحلة.
كل تغيير في رئاسة البرلمان سيترك أثره على بنية القرار السياسي برمته.
قوانين على نار مرتفعة ولا تحتمل التأجيل
جدول أعمال المجلس لن يكون اعتيادياً. فالقوانين المطروحة تحمل طابعاً استراتيجياً، أبرزها قانون انتخاب جديد يرفع المقاعد الحزبية في الدوائر المحلية، إلى جانب تعديلات دستورية محتملة مرتبطة بمساري الأحزاب والانتخابات. هذه الملفات قد تحدد شكل الحياة السياسية لعقد كامل قادم.
القوانين ليست مجرد نصوص، بل أدوات لإعادة صياغة المشهد الوطني.
مثلث القرار الجديدة لضبط الإيقاع
ما يُتداول في الكواليس يشير إلى ائتلاف مرتقب يجمع بين رئيس مجلس النواب، ورئيس الهيئة المستقلة للانتخاب، ووزير الشؤون السياسية والبرلمانية. هذا الثالوث سيكون بمثابة غرفة عمليات سياسية لإدارة المرحلة المقبلة، بما يشمل ضبط إيقاع العلاقة مع مجلس الأعيان وتوجيه مسار الإصلاح.
القرار السياسي يتبلور هذه المرة من خلال مثلث نفوذ جديد.
الإسلاميون بين الترويض والإقصاء ولهم الخيار
ملف جبهة العمل الإسلامي يظل الأكثر حساسية. فالحزب الذي يمثل أكبر حضور سياسي منظم، يواجه اليوم اشتراطات جديدة تتعلق باستقلاليته الداخلية وتحرره من أي ارتباط خارجي. تصريحات رئيس هيئة الانتخاب حول المخالفة القانونية في اسم الحزب، أعادت النقاش حول ضرورة إعادة التسمية أو إعادة التموضع.
التعامل مع الإسلاميين لن يكون تفصيلاً، بل محدداً لشكل التعددية السياسية في الأردن.
حكومة " بوجهين "مجتمعة بشخص واحد
الحكومة تعلن انشغالها بالاقتصاد والإدارة، بينما يدير الرئيس بنفسه ملف السياسة خلف الكواليس. هذا الفصل المفتعل بين الملفات الاقتصادية والسياسية يكشف عن أزمة ثقة: الاقتصاد يُعرض على الناس، أما السياسة فتُدار بخوف وحذر.
الحكومة تقول اقتصاد… لكنها تفكر سياسة.
إصلاح سياسي بإعادة ضبط اكثر واقعية
التجربة الأولى للإصلاح السياسي، خصوصاً في قانوني الأحزاب والانتخاب، أظهرت ثغرات لم يعد بالإمكان تجاهلها. لذلك يعمل فريق الدولة اليوم على إعادة تأهيل المشروع، وتكييفه مع الواقع الأردني بعيداً عن النسخ المستوردة. الهدف هذه المرة أن يكون الإصلاح عملياً وقابلاً للتطبيق وليس شعاراتياً.
الإصلاح الجديد يُراد له أن يكون واقعياً، لا مجرد أمنيات على الورق.
مستقبل على كف عفريت
المرحلة المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات: يمينية متشددة تضيق الخناق على المجتمع، أو ليبرالية منفلتة لا يقدر الشارع الأردني على احتمالها. في الحالتين، يبقى الخطر الأكبر أن يغيب الصوت الأردني الأصيل في خضم هذه التجاذبات.
المطلوب إصلاح أردني خالص، لا يميني مستورد ولا ليبرالي معلب