خاص: -
كشفت أرقام صادرة عن البنك المركزي الأردني عن تراجع مقلق في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام الماضي 2024، بنسبة تصل إلى 18.5% مقارنة بالعام 2023. هذا الانخفاض الحاد يثير تساؤلات جوهرية حول مناخ الاستثمار في المملكة، ويضع علامات استفهام كبيرة أمام الجهود الحكومية المبذولة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتعزيز النمو الاقتصادي.
"هل هذا الرقم لا يحرك مشاعر القائمين على الفعل الاستثماري في الحكومة؟" هذا التساؤل المحق يتردد بقوة في أوساط مجتمع الأعمال والمستثمرين، ويعكس حالة من القلق المتزايد إزاء مستقبل الاستثمار في الأردن. فالانخفاض الملحوظ لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه، بل يستدعي وقفة جادة ومراجعة شاملة للسياسات والإجراءات المتبعة.
ما هي الأسباب والمسببات الحقيقية وراء هذا التراجع المقلق؟ هذا هو السؤال المحوري الذي يجب أن يشغل بال الحكومة وصناع القرار. هل يعكس هذا الانخفاض تداعيات الأوضاع الاقتصادية العالمية والإقليمية؟ أم أنه ينذر بوجود خلل هيكلي في البيئة الاستثمارية المحلية؟
مخاوف ومبررات "هروب الاستثمار":
تتزايد الأصوات التي تتحدث عن وجود "مبررات لهروب الاستثمار" من الأردن، وتتراوح هذه المبررات بين:
• غياب الشفافية والوضوح في الإجراءات الحكومية: يشكو المستثمرون من تعقيد الإجراءات البيروقراطية وطول أمد الموافقات والتراخيص، مما يخلق بيئة غير جاذبة وغير مشجعة.
• هاجس "السيطرة غصبًا على أملاك الغير": تتردد في الأوساط الاستثمارية مخاوف من تدخلات غير مبررة في المشاريع الاستثمارية القائمة، أو تغيير القوانين والأنظمة بشكل مفاجئ يؤثر على حقوق المستثمرين وممتلكاتهم.
• نقص العدالة وغياب الطمأنينة والأمان: يشعر بعض المستثمرين بعدم وجود بيئة قانونية وقضائية تضمن حقوقهم بشكل كامل وعادل، وتوفر لهم الطمأنينة والأمان اللازمين لاستثمار أموالهم في المملكة.
• تأثير "المصالح" على القرارات الاستثمارية: هناك تصور لدى البعض بأن بعض القرارات الاستثمارية قد تتأثر بـ "المصالح" الشخصية أو الفئوية، مما يضعف الثقة في نزاهة وشفافية العملية الاستثمارية برمتها.
دعوة للمكاشفة والعمل الجاد:
إن هذا التراجع في الاستثمار الأجنبي يمثل فرصة حقيقية للحكومة الأردنية لمكاشفة "ولي الأمر" – أي القيادة العليا – بالحقائق والأرقام، وشرح الأسباب الحقيقية وراء هذا التدهور. يجب أن يتم ذلك بشفافية وصدق، دون تجميل أو تهوين، لكي يتمكن "ولي الأمر" من إصدار "توجيهات جديدة" تهدف إلى تصحيح المسار ومعالجة الخلل.
هذه التوجيهات يجب أن تكون بعيدة عن "المصالح" الضيقة، وأن تركز على المصلحة الوطنية العليا، وهي خلق بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة، تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.