في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، تبرز قضية غياب القيادة في عدد من المؤسسات الحكومية الاستثمارية كأحد أبرز المشكلات التي تعكس ضعف الإدارة العامة وعدم القدرة على تحقيق الأهداف التنموية. إذ تشير التقارير إلى أن بعض هذه المؤسسات تعاني من فراغ إداري مستمر لأكثر من عام، مما يثير تساؤلات جدية حول مستقبلها ودورها في دفع عجلة الاقتصاد.
إن غياب المديرين عن هذه المؤسسات لا يؤثر فقط على سير العمل اليومي، بل يمتد تأثيره إلى الأداء العام والقدرة على جذب الاستثمارات. فبدون قيادة فعالة، تصبح هذه المؤسسات عرضة للتخبط الإداري وفقدان الرؤية الاستراتيجية، مما ينعكس سلبًا على المشاريع القائمة والمستقبلية. وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن هذا الفراغ الإداري قد يؤدي إلى تأخير تنفيذ المشاريع الحيوية، ويزيد من فرص الفساد وسوء الإدارة.
تتعدد الأسباب وراء غياب المدراء عن هذه المؤسسات. فقد يعود الأمر إلى عدم القدرة على اتخاذ قرارات تعيين فعالة، أو ربما بسبب الخلافات السياسية التي تعرقل عملية التوظيف. كما أن بعض المراقبين يشيرون إلى نقص الكفاءات المؤهلة لشغل هذه المناصب، مما يزيد من تعقيد الوضع.
تعتبر المؤسسات الحكومية الاستثمارية ركيزة أساسية في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية. ومع ذلك، فإن غياب القيادة يجعلها غير قادرة على تقديم الضمانات اللازمة للمستثمرين. فالاستثمار يحتاج إلى بيئة مستقرة وموثوقة، وعندما تكون هذه المؤسسات بلا مدراء، فإن ذلك يثير مخاوف المستثمرين ويؤدي إلى تراجع الثقة في القدرة على تحقيق العوائد المرجوة.
في ظل هذه الأوضاع، تتعالى الأصوات المطالبة بإصلاح النظام الإداري في هذه المؤسسات. حيث يدعو الخبراء إلى ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لتعيين مدراء مؤهلين يتمتعون بالخبرة والكفاءة اللازمة لإدارة هذه المؤسسات بفعالية. كما يجب أن تشمل الإصلاحات تحسين آليات التوظيف وتبسيط الإجراءات الإدارية لضمان سرعة اتخاذ القرارات.
إن غياب المدراء عن المؤسسات الحكومية الاستثمارية ليس مجرد مشكلة إدارية، بل هو تحدٍ كبير يؤثر على الاقتصاد الوطني بأسره. يتطلب الأمر تحركًا سريعًا من الجهات المعنية لضمان استعادة القيادة الفعالة في هذه المؤسسات، وبالتالي تعزيز قدرتها على المساهمة في التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات. فالاستثمار في الكفاءات الإدارية هو استثمار في مستقبل البلاد.