في الوقت الذي يتزايد فيه الجدل حول مستقبل الحياة السياسية في الأردن، يبرز اسم زيد نفاع كأحد الأصوات البارزة التي تدعو إلى إعادة النظر في كيفية تمويل الأحزاب السياسية. فقد أكد نفاع، الذي غاب لفترة عن الساحة السياسية، على أهمية وجود أحزاب ممولة فكريًا وماليًا من مصادر أردنية، مشددًا على أن هذه الخطوة ضرورية لضمان استقلالية الأحزاب وقدرتها على خدمة مصالح الشعب الأردني.
تصريحات نفاع تأتي في وقت يحاول فيه حزب "عزم" السيطرة على عدة لجان في مجلس النواب، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي. إذ يُنظر إلى هذه المحاولات كجزء من سعي بعض الأحزاب لتعزيز نفوذها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هو مصدر تمويل هذه الأحزاب؟
تكرار نفاع لجملته الشهيرة حول الحاجة إلى تمويل محلي يثير الشكوك حول وجود أحزاب قد تتلقى دعمًا ماليًا وفكريًا من جهات خارجية. هذا الأمر لا يعد مجرد قلق شخصي، بل يعكس واقعًا يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار. فتمويل الأحزاب من الخارج قد يؤثر على استقلاليتها ويجعلها عرضة لتوجيهات قد لا تتماشى مع مصالح الوطن.
الأحزاب السياسية، كما يُفترض، يجب أن تكون قادرة على التعبير عن تطلعات الشعب ومصالحه، لكن ذلك لن يتحقق إذا كانت تعتمد على مصادر تمويل غير محلية. لذا، فإن دعوة نفاع إلى تعزيز التمويل المحلي قد تكون بمثابة دعوة للشفافية والمساءلة في العمل السياسي.
في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية، يصبح من الضروري أن تعمل الأحزاب على بناء قاعدة دعم شعبية قوية، تعتمد على تمويل مستدام يأتي من المواطنين أنفسهم. هذا الأمر ليس فقط لتعزيز الهوية الوطنية للأحزاب، بل أيضًا للحفاظ على استقلاليتها وقدرتها على اتخاذ قرارات تعكس إرادة الشعب.
ختامًا، إن تصريحات زيد نفاع تدق ناقوس الخطر حول ضرورة إعادة تقييم مصادر تمويل الأحزاب في الأردن. وفي الوقت الذي تسعى فيه بعض الأحزاب لتعزيز وجودها في مجلس النواب، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق ذلك دون التفريط في استقلاليتها أو التنازل عن قيمها الوطنية. إن المستقبل السياسي للأردن يعتمد بشكل كبير على قدرة الأحزاب على تحقيق هذا التوازن بين التمويل والاستقلالية.