أعلن البنك المركزي المصري، الخميس الماضي، تطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى، ضمن حزمة إجراءات إصلاحية تم اتخاذها لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل، شملت قرارات "المركزي" زيادة سعر الفائدة 200 نقطة أساس، وإلغاء تدريجي لنظام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد.
وقال الرئيس المشارك لقسم البحوث ببنك الاستثمار سي آي كابيتال، منصف مرسي، إن البنك المركزي طبق نهاية الأسبوع الماضي نظامًا لتحديد قيمة سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب، مما أدى إلى انخفاضه أمام الدولار ليتجاوز مستوى الـ24 جنيه، مضيفًا :"من السابق لأوانه توقع مدى إمكانية استمرار صعود الدولار لأي مستوى، حتى البنوك العاملة في السوق المحلية تعمل في الوقت الحالي على حصر الطلبات المقدمة إليها للحصول على النقد الأجنبي ومواردها الدولارية المتاحة".
اتجه البنك المركزي المصري لتطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه، استجابةً لمتطلبات صندوق النقد الدولي، الذي قدم قرضًا بقيمة 3 مليارات دولار لمصر ضمن حزمة تمويلية بقيمة 9 مليارات دولار لمواجهة فجوة النقد الأجنبي في البلاد.
وتوقع "مرسي"، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن حدوث استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه لن يتم قبل مطلع العام المقبل، مرجحًا استمرار زيادة الدولار خلال الفترة الحالية ليعاود الاستقرار عند مستوى 22 جنيهًا باعتباره قيمة عادلة لسعر صرف الجنيه أمام الدولار.
شهدت باقي العملات الأجنبية ارتفاعًا أمام الجنيه المصري، وسجل متوسط سعر صرف اليورو 23.89 جنيه للشراء، و24.03 جنيه للبيع، والريال السعودي 6.40 جنيه للشراء، و6.43 جنيه للبيع، والدينار الكويتي 77.63 جنيه للشراء، و78.16 جنيه للبيع، بالبنك المركزي بختام تعاملات أكتوبر/ تشرين الأول.
وحول تداعيات استمرار زيادة سعر الدولار أمام الجنيه، قال منصف مرسي، إنه سيؤثر على زيادة الأسعار، ومن ثم ينعكس على ارتفاع معدل التضخم، لكن في الوقت نفسه سيسهم انخفاض الجنيه إيجابيًا على الشركات التي تنتج منتجات موجهة للتصدير، حيث سيمثل ميزة تنافسية في تسعير منتجاته وفتح أسواق جديدة.
وسجل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية، خلال سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلى مستوى له في 4 سنوات وبلغ 15%.
وأضاف "مرسي" أن استمرار تحسن المعروض من النقد الأجنبي سيؤدي إلى استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ومن المنتظر أن يتحقق ذلك خلال الفترة المقبلة، عقب موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على إقراض مصر، وتسلم البلاد أولى الدفعات من الصندوق ومن جهات أخرى مما سيؤدي إلى استقرار سعر الصرف.
وتوصلت مصر لاتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرًا ضمن آلية تسهيل الصندوق الممدد، بهدف ضبط ميزان المدفوعات، ودعم الموازنة العامة للدولة المصرية، وتحفيز الحصول على تمويل إضافي من شركاء مصر الدوليين والإقليميين للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، بحسب بيان رسمي.
قال الخبير المصرفي، هاني أبو الفتوح، إن سعر صرف الجنيه تراجع أمام الدولار منذ تطبيق نظام مرن في تحديد سعر الصرف، نتيجة ارتفاع الطلب القوي على الدولار، وسيستمر هذا الانخفاض في الجنيه إلى حين توافر موارد إضافية من العملة الأجنبية ليتوازن العرض مع الطلب، وهذا سيتحقق خلال أيام أو أسابيع، مشيرًا إلى دور شهادات الادخار مرتفعة العائد التي طرحتها بعض البنوك الحكومية مما سيشجع بعض حائزي الدولار للتخلي عنه مقابل شراء هذه الشهادات.
وأصدر بنكا الأهلي ومصر شهادات ادخار لمدة 3 سنوات بعائد سنوي 17.25%، كما قررا زيادة سعر العائد على الشهادة البلاتينية 3 سنوات لتصبح بعائد 16%، اعتبارًا من اليوم للشهادات الجديدة أو المجددة تلقائيًا.
وأضاف "أبو الفتوح"، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن شهادات الادخار مرتفعة العائد ستسهم كذلك في زيادة حجم تحويلات المصريين بالخارج، التي انخفضت بصورة ملحوظة خلال آخر شهرين في انتظار قرار تحرير سعر الصرف، متابعًا أنه من الصعب تحديد سعر مستهدف للجنيه المصري أمام الدولار، وهو ما أكده مسؤولي البنك المركزي المصري في عدة مناسبات.
وتراجعت قيمة تحويلات المصريين بالخارج خلال يوليو/ تموز الماضي لتصل إلى 2.38 مليار دولار مقابل 2.79 مليار دولار خلال الشهر نفسه من العام الماضي، ومقارنة مع 2.8 مليار دولار في يونيو/ حزيران الماضي، بحسب بيانات رسمية.
وأشار هاني أبو الفتوح إلى ضرورة تدخل الدولة لإحكام الرقابة على أسعار السلع المنتظر أن ترتفع خلال الفترة المقبلة عقب زيادة سعر الدولار أمام الجنيه، لحماية المواطنين من أي زيادة غير مبررة من بعض التجار، وفي الوقت نفسه تشجيع استغلال تراجع الجنيه لزيادة الصادرات المصرية، مع العمل على تقليل تداعيات ارتفاع فاتورة الواردات وقيمة الدين.