ستكون المنتخبات العربية الأربعة المشاركة في بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، أمام فرصة إعادة كتابة تاريخ المشاركات العربية في المونديال، عندما تخوض المنافسة للمرة الأولى على أرض عربية وسط دعم كبير منتظر.
ولن تكون الدوحة أرض المنتخب القطري وحده في المونديال العربي الأول في التاريخ، بل ستجد منتخبات السعودية وتونس والمغرب نفسها وكأنها تلعب على أرضها أيضا، بالدعم الكبير المنتظر الذي ستجده تلك المنتخبات في مشوارها في كأس العالم، أملا في أن تسجل ظهورا مشرفا بنتائج استثنائية لكسر حاجز الدور الثاني الذي سبق وأن بلغته ثلاثة منتخبات عربية من قبل وهي المغرب في مونديال المكسيك 1986 والسعودية في مونديال الولايات المتحدة الأميركية عام 1994 وأخيرا الجزائر في مونديال البرازيل 2014.
وتجسد التقارير الرسمية الصادرة عن الاتحاد الدولي لكرة القدم بشأن مبيعات التذاكر، حجم الدعم الجماهيري المنتظر للمنتخبات العربية في المونديال، حيث كشف كولين سميث المدير التنفيذي لعمليات كأس العالم "فيفاط خلال المؤتمر الصحفي الموسع الذي عقد في الدوحة الاثنين الماضي، أن دولة قطر تتصدر قائمة الدول العشر الأكثر شراء لتذاكر مباريات المونديال، فيما تأتي السعودية في المركز الثالث، علما بأن "فيفا" باع حتى موعد المؤتمر ما يزيد على مليونين و890 ألف تذكرة.
ويعول المنتخب القطري على التشجيع الجماهيري من أجل أن يكون الظهور التاريخي الأول له في كأس العالم مشرفا، أملا في تجاوز دور المجموعات استكمالا للتميز والإبهار المنتظر على مستوى تنظيم الحدث الكبير، حيث من المتوقع أن يحظى المنتخب القطري بوقفة جماهيرية ستتجاوز الأرقام القياسية التي تم تسجيلها في كأس العرب FIFA قطر 2021، كأعلى نسبة حضور للجماهير سواء في الدور ربع النهائي أو نصف النهائي من البطولة التي حقق فيها المنتخب القطري المركز الثالث.
وأعد المنتخب القطري العدة من أجل أن يكون عند حسن الظن بعدما نفذ برامج تحضيرية وازنة، جاب خلالها قارات العالم وشارك في بطولات كبرى على غرار كوبا أميركا 2019 والكأس الذهبية 2021، فضلا عن مشاركة اعتبارية في التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى المونديال دون احتساب النتائج، إلى جانب خوض العديد من التجارب الودية، كي يراكم اللاعبون خبرات تعينهم على مجاراة المنتخبات في المونديال الذي يستهله صاحب الأرض بمواجهة الإكوادور في الافتتاح يوم 20 نوفمبر المقبل ضمن المجموعة الأولى التي تضم أيضا هولندا والسنغال.
بدوره، سيكون المنتخب السعودي أمام مشاركة استثنائية عندما يخوض المونديال على أرض قطر في أجواء وظروف مثالية، إلى جانب دعم كبير تكرسه سهولة وصول الجماهير السعودية التي حجزت أماكنها بالفعل، حتى باتت خطرا يهدد المنافسين الثلاثة في المجموعة الثالثة وهم الأرجنتين والمكسيك وبولندا، حيث سيعول المنتخب السعودي على الدعم الجماهيري من أجل تحقيق نتيجة أفضل من تلك التي تحققت في نسخة الولايات المتحدة الأميركية أو تكرارها على الأقل بالوصول إلى الدور الثاني.
حقيقة الدعم المنتظر للمنتخب السعودي يؤكدها نفاد تذاكر مبارياته الثلاث في الدور الأول، حيث سيكون الاستهلال أمام المنتخب الأرجنتيني يوم 22 نوفمبر المقبل على استاد لوسيل قبل مواجهة بولندا على استاد المدينة التعليمية يوم 26 من الشهر ذاته ثم العودة إلى استاد لوسيل لمواجهة المكسيك يوم 30 منه.
من جانبهما، سيجد المنتخبان التونسي والمغربي أيضا دعما كبيرا خلال المونديال، سواء من الجماهير التي ستأتي من البلدين أو من الجاليات المقيمة في قطر ودول الجوار، ولعل تجربة كأس العرب الأخيرة تؤكد أن المنتخبين سيحظيان بوقفة جماهيرية تدفعهما إلى تحقيق الآمال، حيث يبحث المنتخب المغربي عن تأهل آخر إلى الدور الثاني منذ نسخة 1986، رغم قوة المجموعة السادسة التي يلعب بها رفقة بلجيكا وكرواتيا وكندا، فيما قد يجد التونسيون ضالتهم في المونديال العربي من أجل تحقيق الإنجاز الأول بالعبور إلى الدور الثاني من خلال المجموعة الرابعة التي تضم فرنسا وأستراليا والدنمارك.
ويعادل حجم المشاركة العربية في النسخة المقبلة من كأس العالم FIFA قطر 2022، الرقم القياسي للممثلين الأربعة في النسخة السابقة التي أقيمت في روسيا 2018 وهم: السعودية ومصر والمغرب وتونس، بيد أن الاختلاف يبدو كبيرا في الظهور الجديد، ليس فقط على مستوى الدعم الجماهيري الكبير والمنتظر، بل أنها تسعى لتقديم مستويات استثنائية لتحسين النتائج عن النسخة الماضية بخروج المنتخبات العربية الأربعة من دور المجموعات.
ويسجل تاريخ الحضور العربي في المونديال، الرصيد الأعلى من المشاركات لمنتخبات السعودية والمغرب وتونس بست مرات لكل منتخب، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المونديال بدأ بالنسخة الأولى في الأوروغواي 1930 بمشاركة 13 منتخبا، قبل أن يزيد العدد حتى وصل إلى 32 في نسخة فرنسا 1998 ما يعني أن الزيادة كانت ترفع في كل مرة من حظوظ الحضور العربي بسبب المقاعد المحددة لكل قارة.
وتأرجحت المشاركة العربية بين منتخب واحد كما مصر في 1934، المغرب في 1970، تونس 1978، الجزائر في 2010 و2014، بينما شارك منتخبان في مونديال 1982 (الكويت والجزائر)، و1990 (مصر والإمارات)، و1994 (المغرب والسعودية)، و2002 (السعودية وتونس) و2006 (السعودية وتونس) وثلاثة في 1986 في المكسيك (المغرب، الجزائر، والعراق)، وثلاثة في مونديال 1998 بفرنسا (المغرب، السعودية، وتونس) ثم أربعة في مونديال روسيا 2018 (السعودية ومصر والمغرب وتونس).
وكان المنتخب التونسي صاحب أول فوز عربي في المونديال، وذلك على حساب المكسيك بثلاثة أهداف لهدف في دور المجموعات بمونديال 1978، فيما تعد الجزائر والسعودية الأكثر تحقيقا للانتصارات (3) والسعودية الأكثر خسارة (11) يليها المغرب وتونس (9).
وتعد السعودية والمغرب الأكثر خوضا للمباريات (16)، ثم تونس (15)، والجزائر (13)، فيما كان المغرب الأكثر تسجيلا بـ(14) هدفا مقابل (13) لكل من الجزائر وتونس، فيما كان المنتخب السعودي الأكثر استقبالا للأهداف (39)، ثم تونس (25) هدفا، والمغرب (22).
ويحمل الجزائر أفضل معدل تهديفي (13 هدفا في 13 مباراة)، أما أكبر سلسلة تأهل متتالية فكانت للسعودية بين 1994 و2006، فيما كانت أطول فترة غياب لمصر بين نسختي 1934 و1990.
وباتت الجزائر أول منتخب عربي وإفريقي يسجل أربعة أهداف في مباراة واحدة، بعد فوزها على كوريا الجنوبية بأربعة أهداف لاثنين في 2014، كما كانت الأكثر تسجيلا في نسخة واحدة (7) في 2014، ويعد المغرب صاحب أكبر فارق بفوزه على إسكتلندا (3-صفر) في 1998 والسعودية صاحبة أسوأ خسارة أمام ألمانيا بثمانية أهداف دون رد في 2002.
وشهدت النسخ الماضية من كأس العالم ثلاث مواجهات عربية، كان المنتخب السعودي طرفا فيها، حيث فاز في الأولى على المغرب بهدفين لهدف في 1994، ثم تعادل مع تونس في نسخة ألمانيا 2006 بهدفين لمثلهما، ثم التقى المنتخب المصري في روسيا 2018، وفاز بهدفين لهدف.