تُصر الحكومة بأنها استطاعت أن تستحدث (95342) فرصة عمل جديدة في الاقتصاد الأردني سنة 2023، وهو إنجاز كبير إذا كان قد حصل فعلاً، لكن المواطن لم يلمس هذا الإنجاز، كما أن هذا العدد الكبير من فرص العمل المستحدَثة لم ينعكس إلا بالنزر اليسير جداً على بيانات المشتركين بالضمان، ناهيك عن أنّ نسبة نمو متواضعة بحدود (2.6%) لا يمكن أن تخلق هذا العدد الكبير من فرص العمل.!
من هنا، فإنني ومن باب الفهم والوصول إلى قناعة، ومن باب الوضوح والشفافية، وليس التشكيك، أطرح على الحكومة الأسئلة التالية، ولعل في الإجابة الشفّافة عليها ما يُميط الكثير اللبس والنقاط المبهمة في الموضوع:
١) متى تم إجراء المسح الميداني للفرص وما آليته ومنهجه وكم بلغت عينة المسح.؟
٢) ما القطاعات التي شملها المسح، وهل غطّت كافة الأنشطة الاقتصادية في الدولة.؟
٣) هل تضمّن العدد الذي تم التصريح به فُرص العمل المستحدّثة في القطاع غير المنظم (قطاع العمل في الاقتصاد غير الرسمي)، أم اقتصر على القطاع المنظم.؟
٤) ما المتوسط العام لعمر الوظائف والفرص التي تم استحداثها، وما نسبة المستدام منها.؟
٥) هل تم الأخذ بالاعتبار أن عدد الأردنيين الذين انتهت خدمتهم عام 2023 وصرفوا تعويض الدفعة الواحدة من الضمان بلغ (20534) أردنياً، تشكل الاناث منهم حوالي (52%) وهن اللواتي انتهت خدماتهن ولجأنَ لسحب اشتراكاتهن من الضمان على شكل تعويض من دفعة واحدة بداعي التفرغ لشؤون الأسرة (حالات الزواج والترمل والطلاق).؟
٦) هل تم الأخذ بالاعتبار أن عدد العاملين المؤمّن عليهم بالضمان الذين انتهت خدماتهم وتعطّلوا عن العمل لمُدد متفاوتة خلال عام 2023 بلغ (33934) مؤمّناً عليه، وأن (99%) منهم أردنيون.؟
٧) هل تم الأخذ بالاعتبار أن (6860) عاملاً مشتركاً بالضمان مِمَن تقاضوا بدل تعطل عن العمل خلال عام 2023 بلغت مدة تعطلهم (6) أشهر فأكثر.؟!
٨) هل أُخِذ بالاعتبار عند احتساب صافي فرص العمل المستحدثة لكل من عام 2022 و عام 2023، أن عدد مَنْ خرجوا على تقاعد الضمان لعام 2022 بلغ (19677) متقاعداً، وأنّ (97.5%) منهم أردنيون.
ولعام 2023 حوالي (25000) متقاعد، (98%) منهم أردنيون.؟
٩) هل أُخِذ بالاعتبار فترة تراجع الاقتصاد الأردني خلال السنوات 2019 - 2022 بسبب تداعيات كورونا، وقد سجّل النمو الاقتصادي في عام 2020 معدلاً سالباً بلغ( 1.1 - % ) وهو ما عكسته أرقام مشتركي الضمان الأردنيين الفعّالين التي شهدت زيادة طفيفة جداً في نهاية سنة 2020 بمقدار ( 4120 ) مؤمّناً عليه فقط عما كانوا عليه في نهاية عام 2019. ثم بدأت مرحلة التعافي الاقتصادي تدريجياً سنة 2021.؟ مع التنويه إلى أن البنك الدولي خفّض عام 2022 تصنيف الأردن من اقتصاد ذي دخل متوسط مرتفع إلى اقتصاد دخل متوسط منخفض.!
١٠) هل أُخِذ بالاعتبار أن النمو الطفيف جداً في عدد مشتركي الضمان الأردنيين الفعالين مع نهاية عام 2020، جعل صافي فُرص العمل المستحدثة في ذلك العام سالباً بمقدار (12622 - ) بعد طرح عدد المتقاعدين خلال ذلك العام الذين بلغ عددهم (16742) متقاعداً أردنياً.؟
في النهاية لا بد من الإحاطة بأن عدد المؤمّن عليهم الأردنيين الذين انقطعوا عن الضمان، أي الذين انتهت خدماتهم وخرجوا من سوق العمل بشكل دائم أو مؤقت واستحقوا التقاعد أو تعويض الدفعة الواحدة أو صرفوا بدل التعطل عن العمل خلال عام 2022 بلغ عددهم (73230) مؤمّناً عليه، ويستطيع كل من يراجع ويحلل بيانات مؤسسة الضمان أن يستخلص هذا بسهولة. وبالنسبة لسنة 2023، فالجزء الأكبر من بياناتها لم تصدر عن مؤسسة الضمان بعد، باستثناء عدد المؤمّن عليهم الفعّالين كما في نهاية سنة 2023، الذين بلغ عدد الأردنيين منهم (1.237) مليون مؤمّن عليه، وعدد المتقاعدين الذين بلغوا حوالي (25) ألف متقاعد في تلك السنة وحدها.، ووفقاً لتوقعاتي فإن عدد المؤمّن عليهم الأردنيين الذين خرجوا من سوق العمل بشكل دائم أو مؤقت وتوقفت اشتراكاتهم بالضمان للأسباب المذكورة خلال سنة 2023 يزيد على عدد المنقطعين خلال سنة 2022، وأرجّح أن يكون عددهم قد وصل إلى (75) ألف مؤمَّنٍ عليه على الأقل.