أكد أمين عام وزارة العدل الدكتور وليد كناكرية أن تكلفة النزيل الواحد في مراكز الإصلاح والتأهيل تصل إلى 25 دينارًا يوميًا، مشيرًا إلى أن هذا الرقم يعكس العبء المالي الكبير الذي تتحمله الدولة، ويؤكد الحاجة إلى تفعيل بدائل العقوبات السالبة للحرية.
جاء ذلك خلال مشاركته في مؤتمر وطني حول بدائل التوقيف والعقوبات، حيث أوضح أن التعديلات الأخيرة على قانون العقوبات لعام 2025 منحت القضاة صلاحية تقسيط الغرامات على مدار عامين أو تأجيل دفعها لسنة واحدة في حال تعذر الدفع الفوري، مؤكدًا أن تكلفة السجن غالبًا ما تتجاوز قيمة الغرامة المفروضة.
وأشار كناكرية إلى أن العدالة الإصلاحية الحديثة لم تعد تقتصر على العقوبة، بل أصبحت تهدف إلى فهم أعمق لظروف الجريمة والبعد الإنساني، وتسعى لتحقيق التوازن بين الردع والإصلاح وإعادة الاندماج المجتمعي. وأوضح أن الأردن تبنّى هذا النهج منذ عام 2017 عبر إدخال بدائل للعقوبات التقليدية، مثل الخدمة المجتمعية، والإقامة الجبرية، والمنع من السفر، والمراقبة الإلكترونية.
وفيما يخص التعديلات الأخيرة، بيّن كناكرية أنها شملت أيضًا بدائل التوقيف ضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية، كالإقامة الجغرافية، وتقديم الكفالات، والمراقبة الإلكترونية، بهدف تقليل الاعتماد على الحبس، خصوصًا خلال مراحل التحقيق الأولى. وأشار إلى أن وزارة العدل استكملت، بالتعاون مع المجلس القضائي ومديرية الأمن العام، البنية التحتية اللازمة لتفعيل نظام المراقبة الإلكترونية وربطه مع نظام "ميزان" القضائي في كافة محاكم المملكة.
وشدد كناكرية على ضرورة رفع الوعي المجتمعي والمؤسسي بأهمية العقوبات البديلة، وتوفير بيئة مناسبة لتطبيقها، بما ينسجم مع المعايير الدولية ويحقق المصلحة العامة.
من جانبه، أكد رئيس النيابة العامة وأمين عام المجلس القضائي القاضي نايف السمارات أن التعديلات الأخيرة تتوافق مع المبادئ الحديثة للسياسة الجنائية، والتي لم تعد ترى في الحبس الوسيلة الأفضل لردع الجريمة، مبينًا أن التوقيف يعد تدبيرًا احترازيًا وليس عقوبة بحد ذاتها. وأوضح أن القانون المعدل شدد الضوابط المتعلقة بإجراءات التوقيف، داعيًا إلى ترسيخ قناعة لدى القضاة والمدعين العامين بعدالة هذه النصوص وأهمية تطبيقها بالشكل الصحيح.
وفي السياق ذاته، أشار الممثل المقيم لمعهد DIGNITY في الأردن، محمد شما، إلى أن المؤتمر يمثل تتويجًا لشراكة طويلة بين المعهد والمؤسسات الأردنية، تهدف إلى تطوير السياسات العدلية وتوسيع نطاق استخدام بدائل التوقيف والعقوبات بما يعزز العدالة الإنسانية.
يُذكر أن المؤتمر، الذي أُقيم بدعم من السفارة السويسرية، جاء ضمن أنشطة برنامج "كرامة" المنفذ في الأردن منذ عام 2008، والذي يركز على الوقاية م
ن التعذيب وتوسيع بدائل الحرمان من الحرية. وقد شمل المؤتمر جلستين رئيسيتين تناولتا التعديلات القانونية وآليات تطبيق العدالة التصالحية، واختُتم بإصدار توصيات دعت إلى تعزيز الحوار المؤسسي وتكثيف التدريب والتنسيق بين الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني.