2024-11-26 - الثلاثاء
00:00:00

عربي و دولي

ما قصة انهيار 4 بنوك أميركية؟

{clean_title}
صوت عمان :  
منذ الإعلان عن انهيار 4 بنوك في الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية  في ما يعتبر أكبر إفلاس بنكي يحدث منذ الأزمة الاقتصادية عام 2008، والمخاوف تتزايد من تأثير انتشار هذه الظاهرة على البنوك والأفراد حول العالم. المصارف التي أعلنت الانهيار هي"سيلكون فالي" و " سيغنتشر" و"سيلفر غيت"، هذه البنوك تغطي احتياجات الشركات، وتعمل مع قطاع صناعة التكنولوجيا، والذي كان يعاني بسبب الانخفاضات الحادة في أسواق العملات المشفّرة وما تبعه من توتر بين المستثمرين.

وأثار الانهيار المفاجئ التساؤلات بشأن الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا ورأس المال الاستثماري وصناعة العملات المشفرة والنظام الرأسمالي العالمي بشكل عام واللوائح المعمول بها أثناء الأزمات المالية.

 وفي تفاصيل قصة الانهيار،فقد كان بنك "سيلفرغيت" (Silvergate) المتخصص في صناعة العملات المشفرة، أول مؤسسة مصرفية أميركية تعاني من صعوبات مالية، وأعلن في 8 مارس/آذار الجاري إنهاء عملياته بسبب الخسائر الفادحة في محفظة قروضه.

وأدى الانهيار الداخلي لبورصة العملات المشفرة "إف تي إكس" (FTX) أواخر عام 2022، والتي كانت ثاني أكبر بورصة في العالم من حيث المعاملات اليومية، في المقام الأول إلى انهيار بنك "سيلفرغيت" نظرا، لأن "إف تي إكس" كانت عميلا رئيسيا للبنك.

وفي نفس التاريخ، أعلن بنك وادي السيليكون (SVB) عن مواجهة صعوبات مالية، ما أثار دهشة العالم المالي والمستثمرين في الولايات المتحدة، حيث كان يُنظر إلى البنك على أنه مؤسسة ذات رأس مال قوي.

ويقع بنك وادي السيليكون في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، قلب منطقة التكنولوجيا بالولايات المتحدة، ويعد أكبر بنك في وادي السيليكون على أساس حجم الودائع المحلية ومن بين أكبر البنوك في البلاد.

كان البنك مصدرا رئيسيا لرأس المال الاستثماري لتمويل الشركات الناشئة الخاصة، معظمها في مجال التكنولوجيا، التي تمتلك إمكانات نمو ضخمة تشبه شركات مايكروسوفت وآبل وغوغل.


وبدأ انهيار بنك وادي السيليكون أواخر فبراير/شباط 2022 عندما سحب بعض كبار المسؤولين أسهمهم.

وتم الإعلان لاحقا عن قيام الرئيس التنفيذي جريجوري بيكر، والمدير المالي دانيال بيك، وميشيل دريبر، كبير مسؤولي التسويق، ببيع أسهمهم بقيمة 4.5 ملايين دولار من الشركة الأم للبنك مجموعة وادي السيليكون المالية.

وعندما باع البنك محفظته من السندات بقيمة 21 مليار دولار بخسارة 1.8 مليار دولار، وإعلان بيكر بيع البنك كامل محفظته من الأوراق المالية، سيطر الذعر على وول ستريت والصناعة المالية الأميركية.

وبحلول نهاية عام 2022، كان لدى البنك نحو 209 مليارات دولار من إجمالي الأصول ونحو 175.4 مليار دولار من إجمالي الودائع، وكان من غير المعتاد أن تتعرض مؤسسة ذات رأس مال جيد للانهيار فجأة.

وفي أقل من 48 ساعة، انخفض سعر سهم الشركة الأم للبنك بأكثر من 60%، بينما توقف تداولها عدة مرات بسبب التقلبات العالية.

وسط الانهيار المفاجئ، تم إغلاق البنك على الفور من قبل المنظمين الأميركيين، وعيّنت وزارة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا مؤسسة تأمين الودائع الفدرالية "إف دي آي سي" (FDIC) كمستلم للبنك.

وباشرت مؤسسة تأمين الودائع الفدرالية في إنشاء البنك الوطني للتأمين على الودائع في سانتا كلارا (DINB) لحماية المودعين المُؤَمن عليهم، بينما قامت فور الإغلاق بتحويل جميع الودائع المؤمنة من بنك وادي السيليكون إلى البنك الوطني للتأمين على الودائع.

وكان هذا أكبر فشل لمؤسسة مالية في الولايات المتحدة منذ انهيار بنك واشنطن "ميوتشوال" في ذروة الأزمة المالية عام 2008، والتي نشأت عن فقاعة الإسكان في الولايات المتحدة التي تم بناؤها في البداية على الرهون العقارية عالية المخاطر وخلقت لاحقا تداعيات، مثل التزامات الدين المضمونة السامة، التي تم المبالغة في تقييمها للأصول ذات التصنيف غير المهم لتحقيق المزيد من الأرباح.

وفيما تحولت الأزمة المالية في الولايات المتحدة لعام 2008 إلى كارثة عالمية، فإن أكثر ما يخشاه المستثمرون بشأن انهيار بنك وادي السيليكون هو تأثيره المتعاظم والمحتمل على إمكانية انهيار البنوك الأميركية الأخرى.


وقع بنك سيغنتشر في نيويورك -الذي يملك أصولا بقيمة 110 مليارات دولار وإجمالي رأس مال يبلغ 8 مليارات دولار- في مأزق عندما بدأ العملاء وهم في حالة ذعر بسحب ودائعهم.

تتطلب الأزمات المفاجئة كبش فداء فوري، فبعد الانهيار السريع لـ4 بنوك في الولايات المتحدة، تحولت الأنظار إلى المناصب القيادية في تلك المؤسسات المصرفية.

ألقى العديد من المحللين باللوم على ضعف الإدارة والقيادة الفعالة وممارسات إدارية فاسدة وعدم قدرة كبار المديرين التنفيذيين على التنبؤ بالتأثير المحتمل للاضطراب في سوق العملات الرقمية العام الماضي.
أكد الرئيس جو بايدن أن النظام المصرفي الأميركي والمودعين في أمان، وتعهد في 13 مارس/آذار الجاري بأن دافعي الضرائب لن يتحملوا أي خسائر.

وشدد على أن المستثمرين والبنوك لن يكونوا محميين فقد خاطروا عن قصد، وعندما لا تؤتي هذه المخاطرة ثمارها، يخسر المستثمرون أموالهم. هذه هي الطريقة التي تعمل بها الرأسمالية.

وكان بايدن نائبا للرئيس في ظل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما التي تجاوزت ركام الأزمة المالية عام 2008، وتبنت أنظمة مالية أكثر صرامة في وول ستريت.