84622--
المخرج بشار سليحات
في تصريحاته الأخيرة، حاول رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إعادة إحياء وهم "إسرائيل الكبرى"، مُشيرًا بشكل غير مباشر إلى أطماع تتجاوز فلسطين المحتلة لتطال الأردن ومصر، هذا الخطاب ليس جديدًا في الفكر الصهيوني، بل هو امتداد لرؤية توسعية قديمة تعتبر أن حدود إسرائيل لا تتوقف عند الضفة الغربية أو غزة، بل تمتد "من النيل إلى الفرات"، في تحدٍّ صارخ للتاريخ والواقع والشرعية الدولية.
إقحام الأردن ومصر في هذا المشروع الوهمي يعكس عقلية سياسية خطيرة، ترى في اتفاقيات السلام الموقعة مع الدول العربية مجرد أوراق مؤقتة، لا التزامًا حقيقيًا بحدود أو سيادة، فالأردن، بموقعه الجغرافي وتاريخه في الدفاع عن القضية الفلسطينية، ومصر بثقلها الإقليمي وقيادتها للعالم العربي، يمثّلان عقبتين أساسيتين أمام أي مشروع توسعي إسرائيلي، وهو ما يدفع نتنياهو إلى استخدام لغة التهديد الضمني ومحاولة خلق بيئة سياسية وأمنية مضطربة في المنطقة.
لكن التاريخ يؤكد أن هذه الأطماع محكومة بالفشل، فالأردن ومصر، رغم ما يواجهانه من تحديات، يمتلكان إرادة سياسية وشعبية راسخة في الدفاع عن سيادتهما ورفض أي محاولة للمساس بأراضيهما أو مكانتهما. والشعوب العربية لم ولن تقبل بمشروع يلغي هويتها أو يعيد رسم حدودها لخدمة أوهام استعمارية.
إن تصريحات نتنياهو ليست مجرد كلام في الهواء، بل هي تذكير بضرورة اليقظة العربية وتوحيد الصفوف أمام مشروع يستهدف الجميع، وليس فلسطين وحدها. وإذا كان الاحتلال يراهن على الانقسام أو الضعف، فإن الرد الحقيقي عليه هو موقف عربي موحَّد يضع خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها، ويؤكد أن الأردن ومصر، كما فلسطين، ليستا للبيع ولا للتفاوض على سيادتهما.