شهدت قبة البرلمان اليوم إقرار مشروع قانون التعاونيات، وهو قانون ذو صلة وثيقة بعمل وزارة الزراعة، إلا أن إقراره تم في جلسة غاب عنها وزير الزراعة لمعظم وقتها، حيث أفادت مصادر حضوره لثلث الجلسة فقط أثناء مناقشة وتوجيه المقترحات المقدمة من النواب.
يثير هذا الغياب، خاصة في سياق تشريع يخص وزارته مباشرة، تساؤلات حول مدى ثقة الوزير في تمرير القانون ومدى سيطرته على اللجان المختصة أو حتى على توجهات المجلس النيابي، الأمر الذي قد يُفهم على أنه مؤشر على اطمئنان الوزير لسير العملية التشريعية الخاصة بوزارته بمعزل عن حضوره الكامل.
لا يتوقف الأمر عند هذه الجلسة فحسب، فقد لوحظ أن وزير الزراعة من أقل الوزراء حضوراً لجلسات مجلس النواب بشكل عام. ورغم الإشارة إلى انشغال الوزير بملفات "ساخنة" تتعلق بملف الأمن الغذائي، والتي يُقال إنها تتطلب جهداً وتركيزاً كبيرين، يبرز جانب آخر من التساؤلات يتعلق بالأرقام والمؤشرات التي تُقدم حول هذا الملف الحيوي.
هناك همس حول "هندسة" لهذه الأرقام قد تبدو "مبهرة" ظاهرياً، ويُتباهى بها أمام الجهات المعنية كدليل على الإنجاز. وفي ظل هذه التساؤلات، تبرز دعوة موجهة إلى الجهات المعنية التي نكن لها كل التقدير والاحترام لخبراتها وإمكانياتها، نأمل منها التمعن والتأني في فحص وكشف حقيقة هذه الأرقام والمؤشرات المتعلقة بالأمن الغذائي. فالأمن الغذائي ملف استراتيجي لا يحتمل أي تضليل أو أرقام غير دقيقة، وتتطلب معالجاته الشفافية الكاملة والبيانات الدقيقة.
إن العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية تتطلب حضوراً ومتابعة مستمرة، خاصة من الوزراء المعنيين بالتشريعات التي تمس وزاراتهم بشكل مباشر. كما أن الشفافية في عرض البيانات، لا سيما في ملف حيوي كالأمن الغذائي، هي أساس بناء الثقة واتخاذ القرارات الصائبة التي تخدم المصلحة الوطنية العليا.