في مفارقة جديدة لا تحدث إلا في عالمنا العربي، صرّح الأستاذ ينال فريحات، القيادي في جبهة العمل الإسلامي، بأن الإعلام المحلي يحرمهم من تقديم روايتهم، مما اضطرهم للظهور عبر قناة الجزيرة الفضائية.
تصريح فريحات جاء وسط مشهد إعلامي مكتظ بالمنابر، بينما كان صوته واضحًا صادحًا عبر شاشة "الجزيرة”، هذه القناة "المغمورة” التي بالكاد تصل إلى مئات الملايين من البشر حول العالم. هكذا، وبينما يشتكي من الحرمان، كان الملايين يشاهدون تصريحاته بكل أريحية.
ليس هذا فقط، بل إن صوت الأستاذ فريحات لا يغيب عن جلسات مجلس النواب الأردني، حيث تُبث الجلسات مباشرة على قنوات التلفزيون الأردني، وتصل لكل بيت يمتلك جهاز استقبال، وربما إلى بيوت الجيران أيضاً من شدة وضوح الصوت!
لقد سمعنا صوت الأستاذ فريحات في قضية "الخلية”، وسمعنا تبريراته، وعرفنا موقفه من خلال الإعلام الذي يتهمه بالتعتيم، مما يدفعنا للتساؤل: هل هناك رواية أخرى خاصة لا تُذاع إلا عبر إشارات مشفرة من الدوحة؟
الموقف يبدو كما لو أن شخصًا يتناول أشهى المأكولات في مطاعم فاخرة ويشتكي من الجوع وهو يمسك بطبق فاخر!
أما بخصوص التساؤل المشروع حول الحصانة البرلمانية، فهو مسألة دستورية وقانونية تحتاج إلى دراسة، لكن وسط هذا الضجيج، تبدو "حصانة الميكروفون” أقوى من أي نص قانوني.
وفيما يتعلق بالسؤال الطريف الذي طرحه الأستاذ فريحات:نسألك "شو دخلك بالجماعة؟”، فإن مجرد كونه نائبًا عن حزب سياسي، يجعله ممثلًا لرواية حزبه، ويضع تساؤلاته في إطار أوسع، يتخطى حدود الحزب إلى أروقة الجماعة الأوسع التي تفضل قناة الجزيرة كمنبر رئيسي.
نطمئن الأستاذ فريحات: صوتك وصل، وبلغ الآفاق. ربما عليك فقط أن تطلب من قناة الجزيرة فتح بثّها على موجات الراديو المحلية حتى لا يضيع على أصحاب المحال والبقالات القريبة سماع روايتك الكاملة.
في زمن الفضائيات المفتوحة والمنابر المتعددة، يبدو أن الحرمان صار مفهوماً نسبياً جداً، وربما، أحيانًا، الصوت العالي نفسه هو الذي يحجب الرواية